سوريا .. تطبيع بضغط مدفعية دبابات أردوغان !!!
دمشق .. اليوم فى ظل حالة الارتباك والصراع الدولى المعقد والضغوط الأمريكية على مجمل الاوضاع الصعبة والمركبة فى سوريا اجتماعيًا واقتصاديا وسياسيًا أمام خيارات ومراهنات مميتة قد تضرب بقوة ومرارة كاهل مجتمع أنهكتة الأزمة حتى فى عدم الأستطاعة فى القدرة على الحياة .
فأمام خيارات ضبابية جديدة متغيرة وباهظة التكاليف فى معظمها مع أطراف متقاطعة شديدة القسوة متجبرة ، وطامعه وطامحة فى ثرواتها من قبل قوى اقليمية " طهران أنقرة "، وقوى حاكمة ومتحكمة بفرض عقوبات إقتصادية اخرها "قانون قيصر" لتضييق الخناق الاقتصادى على النظام السورى والدولة معًا ، متصورا أن ذلك قد يحدث تغييرا هائلا فى الداخل السورى، على خلاف حقيقةً حجم التماسك الشعبى ليس دفاعا عن النظام بقدر ماهو دفاعا عن ماتبقى من وطن ويسعى لاسترجاع ما تبقى منه من المحتل التركى المدعوم امريكيا.
فخيار أردوغان تجاه التطبيع مع دمشق برعاية روسية وما يجرى من تسويق له اقليميا وعربيا عبر سعى أردوغان المحموم التقرب إلى دمشق فوق ظهر دباباتة فى شمال شرق سوريا ، ومتجاوزا "خارطة الطريق واتفاق سوتشي "لعقد لقاء بين " اردوغان وبشار" ، وهو أمر فى تقديرى قد يكون صعب المنال وربما تحقيقه فى المرحلة الراهنة، وقد يكون خيارا مستحيلا على دمشق أن تقبل به سوى بإعلان تركيا رسميًا بإنهاء احتلالها للاراضى السورية، بل وإخلائها من التنظيمات الارهابية وخلاياها وما يطلق عليها جبهه تحرير الشام " النصره سابقا “.
وبرغم المساعى التركية والاجتماعات المتكررة ووفق مستويات رفيعه الا أن واشنطن من جانبها تسعى لتخريب ذلك التقارب التركى السورى بل وإفساده وتطويع أردوغان وفقا لمصالح واشنطن ومزيدًا من فرض الخناق على سوريا .
ويبقى السؤال الأهم هل ستقبل دمشق ذلك الخيار المستحيل عوضا عن السيادة على اراضيها مقابل التخفيف من وطأة الضغط والأزمة الاقتصادية والإنسانية التى تعيشها سوريا حاليا ؟؟ ..
وهل ستتجاهل دمشق الرفض والتحفظ الشعبى لذلك اللقاء المرتقب بسبب إنعدام الثقة بين دمشق وأنقرة استنادا لتجارب تاريخية مريرة عانى منها الشعب والنظام السورى معا ؟ .
وتدرك دمشق جيدا أن سعى اردوغان المفاجئ نحو التطبيع هو فى حقيقةً الآمر ليس من أجل عيون الاسد وسوريا ، وإنما دفاعا عن مصالحه الشخصية باستغلال ذلك التقارب عربيا وخليجيًا كطوق نجاه للدعاية وفوزه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة منتصف العام الجارى.
كما أن أمام دمشق خيارا غاية فى الاهمية والخطورة ويشكل مأزقًا فى تغيير التركيبة الجيو سياسية ممثله فى اكراد سوريا وقواتها الديمقراطية " قسد “ والمدعومة امريكيا فى مواجهه الدولة السورية الرافضة لخروج اكراد سوريا عن عباءة ومظلة الحكومة السورية بدعاوى الانفصال وفرض الحكم الذاتى فى المناطق التى يسيطرون عليها فى شمال شرق سوريا .
وحقيقة الأمر أن الخاسر الأكبر فى تلك المعادلة السياسية المعقدة التى تجرى حاليا هم أكراد سوريا ومنذ بداية الازمة السورية، ومن ثم تعرضهم للحصار الخانق فى أعقاب إعلانهم الانفصال وإدارة حكم ذاتى دون سند حقيقى وواقعى لوضعهم الاقليمى، حتى وصل الأمر اليوم بوضع أنفسهم ما بين "سندان" الحكومة السورية و"المطرقة" التركية التى تعمل وفق اليات دولية واقليمية و إرتباك وتهرب أمريكى من حماية قوات " قسد " من الغول التركى .
فيما يظل استمرار الغارات الاسرائيلية المتكررة على دمشق خيارا يشكل حرجا بالغا للحكومة السورية فى اطار ملاحقة إسرائيل لاى انشطة أو تحركات ايرانية على الأراضي السورية واستهدافها بضربها وتدميرها ورفضها لتغيير قواعد اللعبه مع عودة نتنياهو بحكومتة المتطرفة وبما ينعكس حتما على سوريا ليرتبط خيار الردع الاسرائيلي مع خيار دمشق المكتوم والأشد حساسية وربما شعبيا أيضا فى مأزقها حول ما يتردد فى العديد من الاروقة السياسية من فك الارتباط مع طهران.
فمسار كيفية الفكاك من حليف قديم قدم كافه أوجه الدعم الاقتصادى والمالى والعسكري على مدار عقد كامل من عمر الأزمة السورية و من قناعه طهران واعتقادها بأنها ساهمت فى "إنقاذ النظام" منذ دخولها بنهاية 2012، قد يزيد المشهد اكثر تعقيدا ، خاصة أن مخاطر فك الأرتباط مع طهران سيشكل عبئا اقتصاديا وماديا وعسكريا هائلا على سوريا ، ولابد من ثمن وثمن باهظ سيدفع لطهران ومقابل يرضى أطماعها وطموحها فى المنطقة.