بخور وشاور معطر لجثث الضحايا.. كيف استلهم سفاح المعمورة جرائمه من ريا وسكينة؟

على خطى ريا وسكينة، سار محامي الإسكندرية «ن.م»، المعروف إعلاميًا بسفاح المعمورة، مستلهمًا منهما نهجًا دمويًا في تنفيذ جرائمه، كان يتخير ضحاياه بعناية، ويمارس وحشيته في صمت، وكأنه فوق الشبهات، لكن القدر لم يمهله طويلًا، وفضح أمره قبل أن يضيف رقمًا جديدًا إلى قائمة ضحاياه.
بخور وشاور معطر لجثث الضحايا.. كيف استلهم سفاح المعمورة جرائمه من ريا وسكينة؟
جاره في الطابق العلوي هو المفتاح الأول لكشف المستور، فقد لاحظ تكرار اصوات غريبة تنبعث من شقة المتهم، أصوات طرقات عنيفة كأنما هناك من يحاول الهروب، يتبعها صمت مريب لا يقطعه سوى أنفاس مكتومة تصارع للخروج، لكنها تُخنق قبل أن تتحول إلى استغاثة حقيقية، لم تكن هذه الأصوات حادثة عابرة، بل تكررت أكثر من مرة، مصحوبة برائحة غريبة تزحف عبر جدران الشقة، خليط بين العفن ورائحة معطر نفّاذ كأنه يحاول إخفاء شيئًا أشد قبحًا.
دفع الفضول والقلق الجار إلى التحري أكثر، ولم يكن يدري أنه على وشك كشف واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها الإسكندرية لينزل إلى شقة المتهم ظنًا منه انه اتخذ من شقته وكرًا لممارسة أعمال مشبوهة لا أكثر، ويفتح الباب الموصد ليُصدم بمشهد مروّع أرضية الشقة وقد خُلع بلاطها، ومن بين الفجوات ظهرت قدم بشرية تخرج من تحت التراب، كاشفة عن سر أكثر رعبًا مما تخيله.
استأجر المحامي شقة بالطابق الأرضي في منطقة المعمورة البلد، بحجة استخدامها كمكتب لمقابلة موكليه، وكان يشترط أن تكون طابق أرضي ويدخلها الهواء من كل الجهات، لكن الحقيقة كانت غير ذلك، فقد جعل من الشقة وكرًا لعلاقاته النسائية، ومن ثم مسرحًا لجرائمه البشعة.
أولى ضحاياه كانت سيدة تعرف عليها، وتزوجها بعقد عرفي، بعد مرور فترة، نشبت بينهما خلافات حادة، انتهت بقرار مروع من المتهم، حيث قرر قتلها وإخفاء جثتها.
لم يكتف القاتل بارتكاب جريمة واحدة، فمع مرور الوقت، استدرج ضحية أخرى، وهي موكلته، إلى ذات المصير، كان الدافع هذه المرة خلافًا ماليًا، انتهى بمقتلها على يديه.
ليتبعها بالضحية الثالثة مهندس ستيني، عرض عليه خدماته القانونية في إنهاء الإجراءات المتعلقة بتحرير العقود وغيرها من إجراءات البيع، لينتهي به الحال مصفوفًا بجانب باقي الجثث تحت بلاط احد شقق المتهم.
اتبع المتهم آلية تعذيب الضحية قبل إنهاء حياتها، يمتد لأيام وربما لشهور، كما حدث مع الضحية الثانية «الحاجة تركية» يستخدم فيهم شتى أنواع التعذيب، مع الحرص على إبقائهم احياء حتى يحصل على مراده، ثم يقتلهم.
بعد قتل ضحاياه، يلف جثثهم بإحكام داخل ملاءة سرير أو سجادة، ويحفر لهم قبرًا بعمق يصل إلى 80 سم ليدفنهم فيه، ويشعل البخور باستمرار لإخفاء أي روائح قد تكشف أمره، ومع مرور الأيام وتصاعد رائحة التحلل، بدأ يتبع طقوسًا غريبة، حيث كان يستخرج الجثث من قبورها، يمنحها «دشًا» منعشًا ويعطرها، ثم يعيد دفنها، في محاولات مستميتة لمنع رائحة العفن من الانتشار.
في مشهد مثير للريبة، اصطحبت الجهات الأمنية المتهم إلى مسرح الجريمة، حيث أعاد تمثيل وقائع القتل، وسط إجراءات أمنية مشددة، بدا عليه الارتباك، لكنه لم ينكر أفعاله، بل أعاد شرح كيفية قتل ضحاياه وإخفاء جثثهم داخل الشقق بالتفصيل، ومع ذلك يرفض الإدلاء بأي معلومات حول عدد ضحاياه، رافضًا الكشف عن أي معلومات قد تفضح فظاعة جرائمه أو تكشف المزيد من أسراره الدفينة.