فيش وتشبيه| الكاتب مهدى عبدالحليم يكتب .. المحامى «النصاب» يُفسد المجتمع
بقلم - مهدى محمد عبدالحليم
إذا أفسد أهل القضاء الواقف فلا تنتظر خيرا، فعندما يُفسد الموكل إليه الدفاع عن المظلوم فسوف يفقد المجتمع جزءا كبيرا وضلعا أساسيا فى منظومة العدالة، وإذا اختل جانب من جوانب العدالة فستبقى العدالة منقوصة وستظل حلما كبيرا بعيدا المنال.
ولعل الواقع الذى نحيا فيه يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن هناك اختلال فى بعض الموازين، ويمكن أن نعيد الأسباب فى ذلك إلى أن التربية هى أحد أهم الأسباب التى تنشئ أفرادا ليسوا أسوياء، وتؤسس الأفراد على الجريمة، فيجب أن نفتش عن الأسرة «أبا»، و«أما».
وتبدأ جرائم أهل القضاء الواقف، بالإهمال فى متابعة الإجراءات القضائية لموكليه، ثم يتطور الفساد، شيئا فشيئا ليخالف «المحامى» العادات والتقاليد والأسس المعروفة ويبيع مستندات تخص موكله للخصوم، وهناك بعض المحامين الحالمين بمستوى معيشى أفضل ممكن يندمجون فى عمليات النصب على موكليهم وأقاربهم، ولا يشغل المحامى باله بحجم الأضرار التى يتسبب فيه لغيره، خاصة أن أغلب ضحاياه إما أن يكونوا من بين أقاربه أو أصدقائه، ولا يفكر وقتها فى شىء سوى فى حجم المكاسب التى تؤول إليه، وقد يحصد المحامى «النصاب» مكاسب مادية كثيرة، إلا أن الأقدار قد تحوله داخل ساحة المحكمة من ممثل القضاء الواقف، إلى متهم واقف خلف القضبان الحديدية، ولنا أمثلة كثيرة فى ذلك حيث تعج الملفات القضائية بالكثير من القضايا المتهم فيها «محام» تخلى عن شرف مهنته، وراح يلهث خلف شيطان رجيم، وأخذ يبحث عن المكاسب الواهية.
الغريب فى جرائم المحامى، أنه يستعين بمجموعة من الأشخاص قد لا يختلفون عنه كثيرا، تأكيدا للمثل الشعبى الذى يؤكد أن «الطيور على أشكالها تقع»، حيث يتخذ منهم مصدرا للحماية، ويتخذ منهم منبعا للقوة الغائبة عنه، بل ويستعين بهم فى الهروب من ضحاياه، وقد ينسج النصاب وشركاؤه شباكه حول ضحاياه لعدة سنوات، وأحيانا ما يرتدى قناع الرجل التقى والورع، لإيهام الضحايا بأنه ليس «نصاب»، وأن وعوده لهم يمكن أن تتحقق.
ولا يختلف معى أحد أن قضايانا فى الماضى كانت تنتهى فى وقت قصير حيث كان الريف المصرى يمتلئ بالكبار، الذين لم يألوا جهدا فى إنهاء الأزمات والمشاحنات فور الذهاب إليهم وتسجيل شكوى ضد أى شخص مهما كانت وظيفته ومهما بلغت سطوته، وهو ما كان يضمن حق الضحية مهما كانت الأمور، وكانت تنتهى الكثير من القضايا قبل وصولها إلى ساحة القضاء، كما كانت تنتهى الأزمات والمشاحنات، إذا ما سجل الضحية شكواه لدى والد النصاب، أو شقيقه الكبير أو شقيقه الصغير، أو أحد أقاربه ممن يكون لديهم حرصا بالغا على المظهر العام وسمعتهم بين العائلات فى القرية، لكن اليوم قد يذهب الضحية لشقيق النصاب، يسجل شكواه فيرفع شقيقه وإن بلغ منصبه سماء المجد، يده عن الأمر، وكأن الأمر لا يعنيه وأحيانا «بيعمل فيها من بنها»، وكأن النصاب وعائلته يفتخرون بأن بينهم نصابا ومحتالا.
وفى الزمن القديم الذى كان يحكمه الكبار، كان منجاة للمجتمع من السقوط فى شباك النصابين المجرمين معتادى النصب والاحتيال.
أطالب صناع الفن، بالاتجاه نحو معالجة قضايا النصب خاصة الصادرة عن «أهل القضاء الواقف»، والبحث فى سجلات المحاكم ودفاتر أحوال الأقسام والمراكز الشرطية، لنقل الوقائع المختلفة من الواقع حتى نحقق الجانب الردعى للمجتمع، ونستطيع حماية المواطنين من جرائم النصابين.