حوادث اليوم
بوابة حوادث اليوم

أزمة ”بلبن”.. بين الخسارة الأخلاقية والاستفادة الدعائية وسط تخوف المستهلكين من المواد الضارة

بلبن
-

تصدرت سلسلة محلات "بلبن" المشهد الإعلامي في مصر بعد حملة تفتيش مكثفة من قبل وزارة الصحة وهيئة سلامة الغذاء، كشفت عن وجود مخالفات جسيمة في عدد من الفروع والمصانع التابعة للسلسلة، من بينها منتجات غذائية منتهية الصلاحية، مواد مجهولة المصدر، ومنشآت غير مرخصة.

ورغم الطابع السلبي للأزمة، التي أثارت قلقًا واسعًا بين المستهلكين بشأن جودة وسلامة المنتجات، إلا أن الموقف حمل في طياته فرصة دعائية غير مباشرة، تمثلت في الانتشار الهائل لاسم "بلبن" عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

بداية الأزمة.. تحقيقات موسعة ومخالفات صارخة

بدأت الأزمة حين أعلنت وزارة الصحة تنفيذ 232 زيارة تفتيشية على محلات ومصانع تابعة لسلاسل غذائية شهيرة، من بينها "بلبن"، وأسفرت تلك الحملات عن:

  • ضبط كميات من المواد الغذائية مجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية.

  • اكتشاف 122 منشأة غير مرخصة.

  • سحب 437 عينة، ثبت عدم مطابقة عدد كبير منها للمواصفات.

  • إعدام مئات الكيلوغرامات من الأغذية والعصائر.

  • تحرير 387 محضر مخالفة صحية.

  • إغلاق مؤقت لفروع ومصانع لحين تصحيح الأوضاع.

ورغم أن الأزمة شملت عددًا من السلاسل الأخرى، إلا أن "بلبن" نالت النصيب الأكبر من التغطية الإعلامية والاهتمام الجماهيري، بسبب شهرتها الكبيرة وانتشار فروعها في أنحاء الجمهورية.

هل فقد المستهلك الثقة في منتجات "بلبن"؟

لم يكن وقع الأزمة بسيطًا على الجمهور، خاصة مع تداول تقارير تشير إلى احتمال احتواء بعض المنتجات على مواد ضارة أو غير مطابقة للمواصفات الصحية، وهو ما أدى إلى حالة من التخوف الجماعي لدى شريحة واسعة من المستهلكين، وصلت في بعض الحالات إلى مقاطعة مؤقتة للمنتجات.

وتحولت مواقع التواصل إلى ساحة للنقاش حول أمان الأغذية الجاهزة، وسط مطالبات بتطبيق أقصى درجات الرقابة المستمرة، وعدم الاكتفاء بالحملات الموسمية.

في المقابل.. دعاية غير مباشرة لصالح "بلبن"!

ورغم الأضرار الواضحة، إلا أن الأزمة أطلقت موجة دعاية مجانية لاسم "بلبن"، الذي تصدر محركات البحث، وتحوّل إلى ترند متواصل لأيام، سواء في النقاشات أو النكات أو حتى المقاطع الساخرة.

وهو ما جعل البعض يصف ما حدث بـ"الدعاية السوداء"، التي وإن جاءت في سياق سلبي، إلا أنها كرّست حضور العلامة التجارية في وعي الجمهور بشكل استثنائي.
وتشير تجارب سابقة في عالم التسويق إلى أن الظهور المتكرر – حتى السلبي منه – قد يساهم أحيانًا في تعزيز الفضول والانتشار، خاصة إذا ما أعقبه تحسن في الخدمة أو توضيح رسمي يقنع الجمهور.

هل تنقلب الأزمة إلى فرصة؟

الكرة الآن في ملعب إدارة "بلبن"، التي إن استثمرت الأزمة بشفافية وصدق، وقدمت اعتذارًا واضحًا وخطة تصحيح واقعية، مع التزام فعلي بالاشتراطات الصحية، فقد تُحوّل هذه اللحظة الحرجة إلى فرصة لإعادة بناء الثقة، وربما الخروج بصورة أقوى مما كانت عليه قبل الأزمة.

المستهلك أكثر وعيًا.. والمحاسبة ضرورة

تؤكد أزمة "بلبن" أن المستهلك المصري أصبح أكثر وعيًا ومتابعة للشأن الغذائي، ولم يعد يكتفي بجودة المنتج الظاهرية، بل يسأل عن مكوناته ومصدره وصلاحيته.

وفي المقابل، يتوجب على الجهات الرقابية الاستمرار في أداء دورها بحزم واستمرارية، لا فقط كرد فعل لحالات التسمم أو الشكاوى، بل كجزء من منظومة وقائية متكاملة تحفظ حق المواطن في غذاء آمن، وتدفع بعجلة المنافسة النزيهة في السوق.