الجميع رفضها.. فتاة رشيد تضحي بحياتها توفيرا لوجبة أبيها الوحيدة
الجميع رفضها حتى أقرب الناس إليها، فلم تجد سبيلا آخر سوى التخلص من حياتها كما يبدو للآخرين، عبارة تلخّص قصة الشابة حبيبة، فتاة رشيد، التي عاشت الرفض من والديها وكل أهلها منذ الصغر، وحتى أصبحت ابنة الـ17 عاما..
ظلت تتنقل من بيت إلى بيت حتى استقرت في "أوضة المواشي"، تلك الغرفة التي قرّر والدها أن تمكث بها، قبل أن يتم حبسها في شقة واسعة ألقت نفسها من شرفتها.
قصة حبيبة ضاحي
نقترب من تفاصيل الواقعة، التي بدأت لدينا من حيث انتهى وعي وإدارك حبيبة لهذا العالم الذي نعيش فيه، بدأت من لحظة سقوطها من الشرفة، وتُنقل إلى المستشفى بين الحياة والموت، مصابة بجروح وكسور خطيرة.
يروي شاهد العيان على الواقعة، النجار أسامة، جار أسرة حبيبة منذ سنوات، تفاصيل القصة التي ضجّت بها منطقة رشيد بمحافظة البحيرة، والجار لأسرة حبيبة منذ سنوات، روى
يقول أسامة من غير المعلوم حتى الآن إذا كانت الفتاة انتحرت أم سقطت دون أن تنتبه نتيجة نومها على سور الشرفة تحت "ضي القمر".
حبيبة ضاحي، ابنة عاشت معاناة انفصال والديها قبل سنوات عدة، وخلال مكوثها مع أمها طبقًا لقانون الحضانة، جاء عريس لطلب يد والدتها ووافقت على الفور، لكنها تفاجأت بأنه لا يرغب في وجود حبيبة معهم، لذلك تخلّت عنها الأم ومكثت الابنة مع جدتها.
خلال هذه الفترة، تزوج الأب أيضًا وأنجب أربعة، ثلاثة ذكور وبنت، وتوفيت جدة حبيبة التي كانت تمكث معها، فقررت أن تذهب إلى خالتها التي رفضت أيضًا وجودها معها، لأن لديها اثنين من الأبناء الشباب، وطبقًا للعادات والتقاليد لن يُقبل مكوث فتاة مع شباب في بيت واحد.
هنا جاء دور الأب، ذهبت له حبيبة وطلبت أن تعيش تحت حمايته في بيته، لأنه لا يوجد مكان آخر لتذهب إليه أو ستكون في الشارع، لكن ظهرت زوجة الأب التي لم يختلف قرارها كثيرًا عن البقية، حيث طلبت من زوجها أن يطرد حبيبة أو يجد لها بنفسه مكانا آخر لتعيش فيه ولن يجمعها بها بيت واحد، هنا جاء في خاطر الأب أغرب مكان يمكن أن يطمئن على ابنته فيه.
والد حبيبة المالك لـ ثلاث عمارات، قرر أن تمكث الصغيرة في غرفة الأغنام وظلت بها 4 سنوات كاملة، لا تشكو حالها ولا تطلب أي شيء، في حين أن شقيقتها الصغرى كانت تلبس أغلى الملابس وتتعطّر وتتزين –حسب رواية الجار أسامة- بينما هي ترتدي ملابس بالية لم تتغير منذ أعوام.
ملّ والد حبيبة منها، وكان يستعد لطردها بحجة أنها تأكل كثيرًا، قائلًا لـ أسامة ذات يوم: "دي خربت بيتي أنا همشّيها من هنا".. ليردّ عليه جاره أسامة: "تمشيها إزاي دي لحمك!".
لم يؤثر في الأب كلام المحيطين به، واتخذ قرارا بأن تعيش حبيبة مع عمتها، التي رفضت هي الأخرى وجودها معها، بحجة أنها موظفة وزوجها يظل في البيت وحده، فكيف لها أن تترك شابة مع زوجها وحدهما؟!
الرحلة الأخيرة لحبيبة كانت قرار أبيها وشقيقته، حيث اتفقا أن الشابة المسكينة التي لا يرغب فيها أحد ستمكث في شقة وحدها مغلقة عليها، في عمارة يملكها الشقيق الثالث، ولا يوجد بها أي أثاث، فقط اكتفوا بفرش ملاءة لتنام عليها، ووجبة واحدة تخرج لها كل يوم أو يومين مرة.
يقول جيران حبيبة أنهم شاهدوها تنام كل يوم على سور الشرفة على “ضي القمر”، نظرًا لأن البيت لا يوجد به لمبة واحدة، حتى أنها اضطرت لقضاء حاجتها في نفس الشرفة، وذات يوم، تحديدًا خامس أيام عيد الأضحى، كانت دماء حبيبة تُغرق الشارع مثل الأضاحي تمامًا، فسقطت من شرفتها منتحرة، حسبما يُخمّن الجميع.
حبيبة لم تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد، على الرغم من أن نسبة وعيها حاليًا لا تتعدى الـ3%، ويقول جارها إن يوم الواقعة حملها على يديه في "توك توك" لأقرب مستشفى، في الوقت الذي لم تنزل دمعة واحدة من عين والدها حينما رآها غارقة في جروحها، حتى أنه رفض الذهاب إلى المستشفى معها، وكان الجيران هم من يلحقون “حبيبة”.