أسرار ”سراج منير” في ذكرى ميلاده .. هجر الطب من أجل الفن
سراج منير، لقب بعاشق السينما، قدم مايقرب من مائة عمل فني كلها أدوار مميزة استطاعت أن تعيش عبر الأجيال بدأها بالأدوار الجادة ثم انتقل إلى الكوميديا فى عنتر ولبلب، شخصية مثقفة ومتعلمة، وكان معروفًا بحبه الشديد للقراءة، كما كان من بين أكثر الفنانين إلمامًا بقواعد اللغة العربية في عصره، ومن الممثلين القلائل الذين برعوا في تقديم الأدوار الكوميدية والتراجيدية على حد سواء، ورحل عام 1957.
عرف الفنان سراج منير بأداء الأدوار الجادة حتى أسند له زكي طليمات دورا كوميديا في مسرحية شهرزاد ليكتشف في نفسه القدرة على أداء الأدوار الكوميدية مثلما ظهر في فيلم "عنتر ولبلب"، ثم توالت بعدها أدواره المختلفة الذي اشتهر فيها بلعبه مختلف الألوان التمثيلية ما بين الكوميديا إلى الدراما وحتى الأدوار المركبة ليصبح من الفنانين القلائل الذين يجيدوا لعب مختلف الأدوار بموهبة كبيرة وإتقان مدروس.
سراج منير ترك الملاكمة من أجل التمثيل
في مثل هذا اليوم 15 يوليو 1904 ولد الفنان سراج منير لعائلة ارستقراطية تقيم بحي باب الخلق، ووالده هو "عبد الوهاب بك حسن"، وكان مديرًا للتعليم في وزارة المعارف، أما أخواه فهما المخرجان السينمائيان حسن وفطين عبد الوهاب.
وبالرغم من اهتمامه برياضة الملاكمة منذ صغره الا ان حبه للتمثيل طغى على الرياضة، فبدأ ظهور موهبته التمثيلية على مسرح المدرسة، وأُسندت إليه بطولات مسرحية شاركت في مسابقة المسرح المدرسي، وفي كل عام كان يفوز بكأس المنطقة التعليمية.
وفي عام 1918 سافر سراج منير الى ألمانيا لدراسة الطب تنفيذًا لرغبة والده، وهو لم يكمل العشرين من عمره وهناك تعرف في أحد النوادي على مخرج ألماني سهّل له العمل في السينما الألمانية مقابل مرتب ثابت، وبدلا من دراسة الطب تنقل بين الاستديوهات السينمائية واستطاع أن يظهر فى بعض الأفلام الألمانية الصامتة والتقى بالمخرج السينمائي محمد كريم ليبدأ الاثنان دراسة السينما ليترك دراسة الطب نهائيا هناك.
وفاة والده بسبب دراسته للسينما
وفجأة وقعت الحرب العالمية واحتجز كل المصريين الموجودين في ألمانيا إلا من تستدعيه دولته لأمر هام فتواصل سراج منير مع الفنان يوسف وهبي في مصر وطلب منه إرسال برقية إلى ألمانيا لاستدعائه للعمل في فرقته المسرحية، فترك ألمانيا عائدًا إلى وطنه، لتفاجأ أسرته بدراسته للسينما بدلًا من الطب، فأصيب الأب بصدمة عجّلت بوفاته في اليوم التالي لوصوله.
أول بطولة لسراج منير في فيلم زينب
انضم سراج منير لفرقة يوسف وهبي "فرقة رمسيس"، ثم للفرقة الحكومية، ليختاره بعد ذلك صديقه القديم محمد كريم لبطولة فيلمه الأول "زينب" الصامت، عام 1930، أمام الفنانة بهيجة حافظ، وكان هذا أول أدواره في السينما، وسرعان ما توالت أعماله السينمائية وصل في 18 منها إلى دور البطولة ومن أفلامه: ابن الشعب، الدفاع، ساعة التنفيذ، عنتر ولبلب عام 1945 وهو الفيلم الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا.
سراج منير في عنتر ولبلب
قدم سراج منير دورا هزليا في فيلم عنتر ولبلب وعرض باسم شمشون ولبلب عام 1945 بمشاركة الفنان محمود شكوكو واعترض اليهود في مصر على اسم شمشون لأنه اسم إسرائيلي واعتبروا الكوميديا في الفيلم إهانة لليهود واستخفاف بأسمائهم، ورفع الفيلم من دور العرض بعد أسبوع واحد من عرضه، وأعيد عرضه ثانية بعد ستة أشهر باسم "عنتر ولبلب" بعد حذف اسم شمشون من الفيلم، وعندما قامت ثورة 23 يوليو وخرج اليهود من مصر أصبح هناك فيلمان للعرض لنفس القصة وفيه يقوم سراج منير بدور البلطجي الذي يصفعه شكوكو سبعة أقلام على وجهه.
مسرحية تحمل تهكما على الملك
أبهر سراج منير الفنان نجيب الريحاني نجيب الريحاني الذي رشحه بعد "زينب" ليعمل معه في المسرح ويترك يوسف وهبي، وقدمه على المسرح في دور البطولة في مسرحية "حكم قراقوش" وهي مسرحية تحمل تهكمًا شديدًا على الملك فاروق وأوقفتها الرقابة عدة مرات.
وعندما مات الريحاني استطاع سراج منير أن يسد بعض الفراغ الذي تركه هذا الكوميدي العظيم في فرقته، وأن يسير بهذه الفرقة إلى طريق النجاح بعدما تعرضت لانصراف الناس عنها حتى أنه قام بتقديم أدواره في: مرتفعات وذرينج، سلك مقطوع، شارع البهلوان وقسمت وغيرها..
سراج منير وميمي شكيب ومشوار سينمائي طويل
تزوج سراج منير بعد قصة حب كبيرة من الفنانة ميمي شكيب عام 1942، واستمر زواجهما قائما 17 عاما كونا فيها ثنائيا فنيا شهرا حتى رحيله عام 1957، واعتبر هذا الزواج في وقته أحد أقوى الارتباطات الفنية، ومن أشهر الأفلام التي جمعت بين الزوجين: الحل الأخير، بيومي أفندي، نشالة هانم، ابن ذوات، كلمة الحق.
قراقوش كتب نهاية المشوار
في نهاية مشوار حياته اتجه سراج منير إلى الإنتاج بعد أن لاحظ انخفاض مستوى الأفلام السينمائية في وقت من الأوقات فقام بتحويل مسرحيته حكم قراقوش إلى فيلم سينمائي من إنتاجه، وقام بتكلفة إنتاجه 40 ألف جنيه وهو رقم كبير في تلك الفترة، والفيلم يعالج قضية وطنية تصور حقبة من تاريخ مصر وتعالج الفساد والرشوة التي سادت البلاد أثناء حكم الملك السابق وعرض الفيلم عام 1953، قصة محمود السباع وحوار بديع خيري وإخراج فطين عبد الوهاب.
فشل الفيلم ولم يحقق عائدا سوى 10 آلاف جنيه، واضطر سراج منير إلى أن يرهن الفيلا التي يعيش فيها مع زوجته وأصيب من شدة حزنه بذبحة صدرية أبعدته عن التمثيل حتى رحل عام.