حوادث اليوم
الخميس 13 فبراير 2025 11:16 مـ 15 شعبان 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

مرجان فقد حياته بسبب خلاف على كافتيريا و200 ألف جنيه

جثة
جثة

فى قلب مدينة المحلة الكبرى، حيث تعج الشوارع بالحركة، وتختلط رائحة القهوة الطازجة بأصوات السيارات والمارة، خيّم الحزن على شارع البحر، بعد حادث مأساوى انتهى بمقتل شاب فى مقتبل العمر، وإصابة صديقه بجروح خطيرة.

مرجان فقد حياته بسبب خلاف على كافتيريا و200 ألف جنيه

كانت القصة تحمل فى طياتها تفاصيل مؤلمة، بدأت بخلاف على إيجار كافتيريا، وانتهت بجريمة هزت المدينة وأشعلت مشاعر الغضب والخوف بين الأهالي.

محمد الميهي، رجل من عزبة عزيز التابعة لقرية نمرة البصل بمركز المحلة الكبرى، استأجر قاعة فى شارع 23 يوليو، كان المكان بالنسبة له أكثر من مجرد استثمار، بل مصدر رزق وطموح، لكن سرعان ما تلاشت أحلامه أمام نزاع قانونى مع مالك القاعة، الذى رفع دعوى قضائية انتهت بحكم بطرد المستأجر.

وبينما كان «الميهي» يستعد لمغادرة المكان، دخلت عائلة مرجان إلى المشهد، عائلة معروفة فى المدينة بامتلاكها محل أسماك شهيرًا، قررت استئجار القاعة وتحويلها إلى مطعم جديد، بدا الأمر وكأنه إجراء طبيعى فى عالم الأعمال، لكن المتهم رفض إخلاء المكان، وتصاعدت الخلافات، واندلعت مشاجرات عدة، وصلت إلى أقسام الشرطة، لكن لم يكن لأى منها أن يطفئ فتيل الأزمة.

فى محاولة لحل النزاع قبل أن يتطور، اجتمع كبار العائلات فى جلسة عرفية، انتهت بالاتفاق على أن تدفع عائلة مرجان مبلغ 400 ألف جنيه للميهى مقابل إخلاء القاعة، دفعت العائلة نصف المبلغ كدفعة أولى، لكن الميهى تراجع عن الاتفاق ورفض تسليم القاعة، لتعود الأجواء المشحونة من جديد.

مرت الأيام، وكل لقاء بين الطرفين كان يحمل توترًا أكثر من سابقه، حتى جاءت اللحظة التى تحولت فيها الخلافات إلى مأساة دامية.

فى صباح يوم الحادث، استيقظت مدينة المحلة على وقع مشاجرة جديدة بين الطرفين، لم يكن أحد يدرك أن الدماء ستسيل فى شوارعها , فى ذلك اليوم، قرر الميهى إنهاء النزاع بطريقته الخاصة، حمل سلاحه الناري، وتوجه إلى الكافتيريا الخاصة بعائلة مرجان، جلس هناك، يراقب المكان بعيون مليئة بالغضب والترقب، حتى تأكد من وجود أحمد مرجان، الشاب البالغ من العمر 23 عامًا، داخل المكتب الملحق بالكافتيريا، برفقة صديقه وشقيقه.

بخطوات ثابتة، اقتحم المكتب، استل سلاحه، وفتح النار عليهم وأصيب أحمد بطلقة فى قدمه، بينما اخترقت الرصاصات جسد صديقه عمرو، الذى لم يكن له أى علاقة بالنزاع سوى أنه كان فى المكان الخطأ، فى الوقت الخطأ.

رغم إصابته، حاول أحمد اللحاق بالميهي، وركض خلفه ولحق به إلى أسفل القاعة، أمام سينما 23 يوليو، ليبادره المتهم بإطلاق عليه عدة رصاصات فى صدره، أردته قتيلًا وسط ذهول المارة الذين لم يستوعبوا ما حدث للحظات.

لم تدم محاولات القاتل للهرب طويلًا، فقد نجح الأهالى فى ملاحقته والإمساك به، وتسليمه إلى الشرطة، التى وصلت إلى المكان وفرضت طوقًا أمنيًا مشددًا للسيطرة على الموقف.

نُقل المصاب إلى المستشفى فى حالة خطيرة، بينما كانت عائلة مرجان تعيش صدمة لا توصف أمام فقدان ابنها الأكبر.

فى جنازة حزينة، شيّع الأهالى أحمد مرجان إلى مثواه الأخير، بينما رفضت عائلته تقبل العزاء، معلنين أن الدماء لم تجف بعد، وأن الألم لا يزال حيًا فى قلوبهم.

ناجٍ من الحادث: أحمد فدانا بروحه فى غرفة المستشفى، حيث الألم يسكن الجسد والذاكرة، جلس عمرو الهواري، صديق الضحية أحمد مرجان، يحاول استجماع أنفاسه، بينما تستعيد ذاكرته تفاصيل اللحظات الأخيرة لصديقه، لحظات محفورة فى ذهنه لن تُمحى أبدًا.

يقول الهواري، متحدثًا بصوت مثقل بالحزن: «اعتدنا أن نجتمع بعد العمل، أنا ومرجان والأصدقاء، لم يكن يوم الحادث مختلفًا فى بدايته، لكنه انتهى بكابوس لن أنساه ما حييت”.

لم يكن يدرى أن دقائق قليلة ستفصل بين الضحك والحديث عن المستقبل، وبين الرصاص الذى مزق أحلام صديقه أمام عينيه. .يتذكر عمرو تلك اللحظة المروعة حين اقتحم القاتل المكتب بعنف شديد، يحطم الباب بضربات قوية وكأن هناك من يساعده، قبل أن يستوعبوا ما يحدث، بدأ بإطلاق النار بشكل عشوائي، وكأنه مصمم على قتل الجميع دون استثناء.

وتابع: «حاولنا الاحتماء بأى شيء، بعضنا التصق بحافة المكتب، وبعضنا اختبأ خلف الكراسي، لكننا جميعًا استسلمنا للحقيقة المرة، ونطقنا الشهادة، فقد كنا متأكدين أن الموت يحيط بنا».

يصف الهوارى كيف مرت طلقات نارية بجانب رأسه، كانت قريبة بما يكفى لإنهاء حياته، لكنه نجا بأعجوبة، رغم إصابته بطلقين، لكن أكثر ما يؤلمه هو اللحظة التى رأى فيها أحمد مرجان ينهض رغم إصابته، ممسكًا بعصا خشبية، وقرر مواجهة القاتل بنفسه.

وواصل: «أحمد لم يكن يريد النجاة لنفسه فقط، كان ينادى العاملين بالأسفل لينقذونا، لكنه لم ينتظر أحدًا، نزل وراء القاتل رغم إصابته، حاول الإمساك به، لكن المجرم كان أسرع، وأطلق عليه الرصاص حتى أسقطه قتيلًا ، أحمد فدانا بروحه».

بصوت مختنق، يضيف الهوارى: «آخر كلمات أحمد لى قبل دقائق من الحادث كانت عن العمل والاجتهاد، وكيف أبنى نفسى بنفسي. كان شخصًا ناجحًا رغم صغر سنه، لم يكن مجرد صديق، بل كان أخًا ومعلمًا لى فى حياتي، وكنت أتمنى أن أموت فداءً له».

أنهى الهوارى حديثه بمناشدة لوزارة الداخلية ومديرية أمن الغربية، مؤكدًا أن العدل وحده هو ما سيخفف من ألم هذه الخسارة: «أطالب بالقصاص العادل لأحمد، حتى يكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم. لن يرتاح قلبى إلا حين أرى حقه يعود، وأعلم أن الأمن لن يخذلنا».

موضوعات متعلقة

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found