قتلوا الأب وطعنوا الابن.. أصحاب مخبز ينهون حياة مسن بسبب 5 أرغفة

استيقظت شمس إمبابة بعد ليل بارد وطويل، لتجد أن "العم سعيد" سبقها كعادته، ارتدى ملابسه على عجل، وانطلق إلى أتوبيس الشركة غير مبالٍ بجوعه، لينقل الموظفين إلى أعمالهم، مشهد درامي متكرر، بطله مُسنّ بلغ الستين من عمره.
التجاعيد على وجهه أضفت عليه هيبة وسط الشباب الذين يستقلون أتوبيس الشركة، كانوا يحترمونه ويقدرون حرصه على إيصالهم إلى مقر العمل قبل موعد البصمة.
توقف العم “سعيد محمد عبدالمجيد” أمام أحد المخابز لشراء 5 أرغفة ساخنة وأقراص طعمية كوجبة إفطار خفيفة يتقوّى بها ليومه الشاق، لم يكن يعلم أن هذا المكان الذي دبت فيه قدماه سيتحول خلال دقائق إلى مسرح جريمة تُراق فيه دماؤه.
اندفع نحوه "محمد. ص"، صاحب المخبز، يوبخه على إيقاف الأتوبيس أمام الفرن، فرد عليه سعيد: "هشتري 5 أرغفة وأمشي فورًا حتى لا أتأخر عن عملي".
لم يتقبل صاحب المخبز كلمات سائق الأتوبيس، فافتعل مشاجرة معه، مستغلًا وجود أبنائه الـ 3 “إسلام، وعمرو، ومهند”، الذين ساندوه في الاعتداء على الرجل المسنّ.
ومع تطور المشهد، اتصل “العم سعيد” بنجله “عادل”، 28 عامًا، طالبًا نجدته من هؤلاء العصبة المسلحين، وما إن وصل الابن حتى تلقّى ضربة قاصمة من أحدهم، قطعت أوتار وشرايين ذراعه، بدأ ينزف بغزارة، وانشغل الجميع بمحاولة إنقاذه، بينما كان ملقى على الأرض وسط بركة من الدماء.
استغل صاحب المخبز انشغال الناس بنجله، وهجم برفقة أبنائه على “سعيد”، ووجّهوا إليه طعنات متفرقة في جسده وسط شارع القومية في إمبابة.
لم يشفع له كبر سنه، ولم يرحموه رغم كونه أعزل في مواجهة 4 أشخاص مسلحين، تناوبوا عليه طعنًا حتى سقط أرضًا ينازع الموت، وعيناه معلّقتان بابنه “عادل”، الذي اختلطت دماؤه بدماء والده.
تقول “نجلاء”، 52 عامًا، زوجة المجني عليه: “خرجتُ خلف ابني "مصطفى”، 24 عامًا، الذي هرول مسرعًا وهو يصرخ: "فيه ناس ضربوا أبويا يا أمي"، وعلى بعد أمتار من المنزل، وأمام مخبز شهير في المنطقة، وجدتُ عادل ملقى على الأرض، وحوله الناس يحاولون إيقاف نزيف يده المصابة".
وبعيون متورمة من البكاء، تابعت الزوجة المكلومة حديثها قائلة: "وعلى مقربة من ابني المطعون، كان زوجي الحاج سعيد يلفظ أنفاسه الأخيرة، واختلطت دماؤه بدماء ابنه في مسرح الجريمة".
كان مصطفى سعيد، الابن الأصغر للحاج سعيد، وهو مصور فوتوغرافي، يستمع لرواية والدته عن اللحظات الأخيرة في حياة والده، وما إن غلبها البكاء حتى التقط طرف الحديث ليكمل تفاصيل الغدر برب الأسرة.
قال “مصطفى” "نقلنا والدي سعيد وشقيقي عادل إلى المستشفى، ونحن نتقاسم القلق عليهما، حاولتُ طمأنة أمي وأخبرتها، دون يقين، بأنهما سيكونان بخير، كنت أمني نفسي وأدعو أن يخيب الله ظني".
وبخطوات متثاقلة، جاء الطبيب ليخبرنا بأن والدي فارق الحياة، بينما شقيقي أصيب بعاهة مستديمة بعد تمزق أوتار يده، سقطت أمي من فرط الصدمة، وتعالت صرخاتها تنعي زوجها ورفيق دربها.
طالبت أسرة الحاج سعيد بالقصاص من القتلة الـ 4 ، قائلين: "المتهمون خطفوا روح الحاج سعيد بسبب 5 أرغفة"، مؤكدين تمسكهم بأخذ حقهم بالقانون، ورفضهم تلقّي العزاء في الفقيد حتى صدور حكم المحكمة ضد المتهمين.
تمكنت الأجهزة الأمنية في الجيزة من القبض على المتهمين “محمد. ص” ونجله “إسلام”، فيما تكثف الجهود للقبض على الهاربين، تحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.