تزوج ثلاث مرات وسرقت البنوك أمواله ومات مفلسا ومكتئبا .. ننشر كواليس ليلة بكى فيها ” إسماعيل ياسين ”
أبو ضحكة جنان، حبيب الملايين، رائد الكوميديا فى مصر والوطن العربى، استطاع أن يخرج الضحكة العالية من القلوب، ويرسم الابتسامة الصافية على شفاة الجميع، فهو صاحب طلة مميزة، قدم العديد من الأعمال على خشبة المسرح وشاشة السينما، تسلق سلم المجد والشهرة حتى وصل الى قمته، وتصدر إيرادات السينما عدة سنوات، وظل نجمه مضيئا إلى أن خالفه الحظ، وفى لحظة أدارت الدنيا وجهها عنه وأعطت له ظهرها وكشرت له عن أنيابها، وضاعت أمواله وصحته ومات باكيا وحزينا، بطل هذه الكلمات هو النجم إسماعيل ياسين الذى أضحك الملايين، " حوادث اليوم" ، تستعرض خلال السطور التالية أبرز المحطات فى حياة " سمعة "، وكواليس أخر ليلة قضاها قبل رحيله عن الحياة.
ولد إسماعيل ياسين في ١٢سبتمبر ١٩١٢ بمحافظة السويس، والده صائغ ميسور الحال، وتوفيت والدته وهو في سن الطفولة، التحق بعدها بأحد الكتاتيب، ثم انتقل للمدرسة الابتدائية، وبعد فترة تراكمت الديون على والده الذي أفلس نتيجة سوء إنفاقه ودخل السجن، ليضطر الطفل إسماعيل ياسين إلى أن يعمل مناديا لمحل بيع أقمشة، ويتحمل مسؤولية نفسه وهو طفل صغير، وفى عامه 17 قرر الانتقال إلى القاهرة من أجل احتراف الفن.
تأثر إسماعيل ياسين بالمطرب محمد عبدالوهاب وأعد نفسه ليكون مطربًا، انضم إلى فرقة بديعة مصابني، ثم انضم إلى فرقة على الكسار المسرحية فعمل مطربا ومونولوجست وممثلا، ثم عمل بالسينما وأصبح أحد أبرز نجومها، إذ اشترك في ٤٨٢ فيلما كان أولها «على بابا والأربعين حرامي».
إسماعيل ياسين هو ثاني شخص في تاريخ السينما المصرية أنتجت له أفلام باسمه بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام: «إسماعيل يس في متحف الشمع- إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة- إسماعيل يس في الجيش، واسماعيل ياسين في مستشفى المجانين».
استطاع ياسين أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، وكانت أعوام 52 و53 و54 عصره الذهبي، حيث مثل 16 فيلما في العام الواحد بينها «حماتي قنبلة ذرية»، و«اديني عقلك»، و«بيت النتاش»، و«حلال عليك»، و«الحموات الفاتنات»، و«الستات ميعرفوش يكدبوا»، و«الآنسة حنفي»، و«ابن حميدو»، وغيرها من الأفلام التي كانت ولاتزال ترسم الابتسامات والضحكات على الوجوه.
تزوج إسماعيل ياسين 3 مرات ولم ينجب غير ولد واحد هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين من زوجته الأخيرة السيدة فوزية.
ولأنّ الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السفن تحولت حياة إسماعيل ياسين من الكوميديا إلى التراجيديا، إذ تقول سامية شاهين، زوجة نجله المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين إن والده «لم يمت فقيرًا ومات مستورًا، فقد عاش في شقته بالزمالك حتى وفاته».
كما نفت سامية شاهين تراكم الديون عليه كما شاع، معلقةً «الضرائب أخدت فلوسه من البنك بدون علمه، فأصيب بشلل نصفي ثم تعافى منه وتوجه إلى لبنان، إذ عمل بعض الأفلام القصيرة، منها (فرسان الغرام)، و(كرم الهوى)، وعمل كمغني مونولوجات مرة أخرى، ثم عاد إلى مصر».
خلال تواجده بالإسكندرية، توفي إسماعيل ياسين فجأة في 24 مايو 1972، متأثرًا باكتئابه إثر وفاة رفيق عمره المخرج فطين عبدالوهاب الذي توفي قبله بعشرة أيام.
وتروى الفنانة سعاد مكاوي، صديقة إسماعيل يسين المقربة تفاصيل آخر ليلة له في حياته فتقول، " في الأيام له، عاد ليعمل معها في كازينو رمسيس نفس الوظيفة التي بدأ بها حياته "كمونولوجست"، وكان مصابا بمرض النقرس الذي كان يؤلمه حتى أنه كان يصعد إلى خشبة المسرح مرتديا البدلة والشبشب .
وتقول سعاد إنه في هذه الليلة دخلت حجرتي بالكازينو ففوجئت بإسماعيل ياسين يجلس حزينا والدموع تنهال من عينيه، وسألته في لهفة مالك يا حبيبي؟.. فرد علي وهو حزين" متضايق " .
وأضافت سعاد، ارتجف قلبى عليه وحاولت تهدئته وقبلت رأسه، حتى مسح سمعة دموعه وصعد إلى المسرح ليؤدي نمرته ويضحك رواد الكازينو، ولا أحد يعلم أن قلبه حزين.
وبعد انتهاء النمرة غادر الكازينو وحيدا إلى بيته في الزمالك وقبل الفجر اتصلت زوجته، وقالت "إسماعيل ياسين تعيشي أنت".