حوادث اليوم
الإثنين 23 ديسمبر 2024 04:59 صـ 22 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

«التحرير» يجدد شبابه وينعش خريطة الجمال فى قاهرة المعز… صور

مجمع التحرير بعد تجديد الميدان
مجمع التحرير بعد تجديد الميدان

لا جدال فى أن ميدان التحرير حول القاهرة إلى العواصم الأوروبية بعد تطويره، ولا مجال للشك فى أن تطوير مجمع التحرير هو الآخر سيحدث طفرة كبيرة فى الميدان، لما له من تاريخ قديم، حيث يرى الكثيرون أن مجمع «التحرير» سيظل شاهد على التاريخ، وستبقى جدرانه تشهد على ملايين المصالح والمشكلات التى واجهت المواطنين، وانتهت فى إحدى غرفه بمعرفة الموظفين، ويبقى «المجمع» بصورته المعمارية العالمية رمزا للوطنية والاستقلالية، ولعل مرحلة تطوير المجمع التى انطلقت مؤخرا بإخلاء المبنى، ظلت بمثابة الحلم الذى تحول إلى حقيقة كبرى للاستفادة من المجمع ليكون مصدر استثمارى كبير يدر الثروات الطائلة على خزينة الدولة خاصة أنه يمتلك موقعا متميزا فى وسط العاصمة بشكله المميز وذكرياته التى لا ينافسه فيها أحد، فقد لا يعلم الكثير أن الأرض المقام عليها «مجمع التحرير» كانت ثكنة عسكرية للإنجليز، ولدى الإجلاء عن مصر، قرر الملك فؤاد إنشاء مجمع للخدمات الحكومية بها، وتطورت الحياة به إلى أن أصبح من أهم المناطق فى القاهرة الكبرى، حيث كان يضم بين جدرانه أغلب الإدارات والهيئات الحيوية التى تتعلق بالمواطن بشكل مباشر ومن بين هذه المصالح والهيئات كانت مصلحة «الجوازات والهجرة» والتى كان يأتى إليها المصرى والأجنبى، إلى أن فكرت الحكومة فى استغلال المجمع كمشروع استثمارى كبير وتحويله إلى مبنى فندقى كبير .. ولا اختلاف فى التعريف الفني لمجمع التحرير، فهو ذو طابع معماري متميز، يتمتع بحماية لواجهاته، وهو ما يضمن صمودها أمام عمليات التطوير، التى ستحافظ على الطابع المعماري له، والاستفادة منه كمركز جذب سياحي وثقافي وريادة أعمال في منطقة وسط البلد .. ولعل مشروع الفندق السياحى الذى سيتحول له المجمع يحافظ على التراث والتاريخ الأثرى، حيث إنه سيكون متعدد الاستخدامات، يضم وحدات فندقية ومطاعم ونشاطا تجاريا وخدميا وتجاريا، وإطلالة على القاهرة الخديوية، وسيحلق حالة من النشاط والحيوية على منطقة وسط البلد، كما سيعمل على فك الاختناقات المرورية التى يعانى منها ميدان التحرير، وكانت الحجرات المنتشرة فى المبنى والبالغ عددها نحو ألفاً و310 حجرات، وطوابقه البالغة 13 طابقا والطابق الأرضي، شاهد عيان على تحمله الصعاب ومشاركته لهموم وأحزان وفرحة كل من تردد عليه .

ويعد المجمع أحد أهم المبانى الحكومية التى صدر بشأنها قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، برقم 459 لسنة 2020، لإزالة صفة النفع العام عن عدد من المنشآت المملوكة للدولة، ونقل ملكيتها لصالح صندوق مصر السيادي.

وتأتى أثرية ووجاهة مجمع التحرير للشكل الذى يظهر به في ميدان التحرير، حيث إن المجمع إذا نظرت له من ناحية مسجد عمر مكرم، تشاهده كمقدمة سفينة على قدر كبير من الرشاقة، وخطوطها الجانبية تنساب بنعومة، وإذا شاهدته من شارع الشيخ ريحان، فترى ظهره وهو ما يشبه جزء من دائرة، قمتها زاحفة إليك، وتحكمها الحيوية، أما إذا نظرت للمجمع من نقطة منتصف الميدان، فسوف تراه على هيئة القوس، مرنا وقويا.

وللحق لم يكن يتوقع أحد أن المبنى الذى افتتحه الملك فاروق كمجمع للخدمات الحكومية فى عام ١٩٥١، وعمره ٦٩ عامًا سيجدد شبابه ويعيد نشاطه من جديد ليكون مصدر وأن يتم ذلك فى الجمهورية الجديدة التى يسعى الرئيس السيسى لبنائها خلال الفترة الحالية.

كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد أكد أن المشروع يعد استكمالاً لخطة الحكومة لتطوير منطقة وسط البلد، وتعظيم استفادة الدولة من المباني الحكومية والتاريخية ذات القيمة التي تزخر بها المنطقة.

وأوضح أن الحكومة تتطلع لتنفيذ هذا المشروع بطريقة تتفوق على سابقة أعمال التطوير المماثلة التي قامت بها شركات التحالف في الولايات المتحدة وأوروبا، مشدداً على ضرورة إنجاز المشروع في أسرع وقت ممكن، ليكون أول نموذج لإعادة استغلال المباني التاريخية بشكل عصري، يثري من قيمتها التاريخية، ويزيد عوائدها.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن نجاح نموذج إعادة تأهيل واستغلال مجمع التحرير، سوف يسرّع فى إجراءات تنفيذ الخطة الحكومية الطموحة لتطوير واستغلال المباني الحكومية والتاريخية بالقاهرة، بحيث تتناغم وتتكامل مع المنظور الشامل لتطوير القاهرة التاريخية، بما يضفى مزيداً من الرونق على المنطقة.

ويؤكد الدكتور أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أن مجمع التحرير سيكون «نقطة مضيئة» بوسط العاصمة، موضحًا أنه بمثابة نقلة نوعية في الاستثمار العقاري والسياحي والخدمي في جمهورية مصر العربية.

ولمن لا يعرف قصة "مجمع التحرير"، فكانت الأرض التى أقيم عليها المجمع، والبالغ مساحتها 3.055 فدان، عبارة عن ثكنات عسكرية إنجليزية كثيفة الانتشار، وترتكز وسط ميدان من أهم ميادين مصر، لفرض سيطرتها على القاهرة شرقا وغربا، حتى جاء وقت "جلاء الإنجليز" عن منطقة قصر النيل في مارس 1947، وقرر الملك فاروق وقتها استغلال ميدان التحرير في إنشاء كيان حكومي ضخم، لتقليل نفقات استئجار عقارات لشغل المصالح الحكومية، وتوفير الخدمات للمواطنين في منطقة واحدة، وأطلق عليه "مجمع الحكومة"، ثم تم تغيير اسمه فيما بعد إلى "مجمع التحرير".

وجاءت إسناد عملية تصميم المبنى للمهندس المعماري المصري "محمد بك كمال إسماعيل"، الشهير بـ"شيخ المعماريين"، وهو المنفذ لأعمال توسعة المسجد الحرام، والمسجد النبوي .. واهتم شيخ المعماريين، وقت التصميم بناء أماكن واسعة، وزيادة عدد الحجرات والمنشآت حتى تتمكن من استضافة المقار الحكومية الرئيسية، والمواطنين المترددين عليها، وأنهاه "شيخ المعماريين" بكفاءة منقطعة النظير، ونجح فى استيعاب ملايين المواطنين الدين كانوا يترددون على المبنى لإنهاء مصالحهم واستخراج الأوراق التى يحتاجون لها، إلا أن الزيادة السكانية المطردة، وتضاعف أعداد المصريين حولت "مكان توفير وقت المواطن وأموال الحكومة"، إلى مكان يزدحم فيه المواطنون لأجل الحصول على خدمة.

وعقب قيام ثورة 23 يوليو المجيدة، قرر الضباط الأحرار تغيير مُسمى "ميدان الإسماعيلية"، والذي سُمي نسبة إلى "الخديوي إسماعيل"، إلى ميدان التحرير، في إشارة لإجلاء ثكنات ومعسكرات الجيش البريطاني عن هذا الميدان، ليتحول حينها مُسمى "مجمع الحكومة"، إلى "مجمع التحرير".

ويذكر التاريخ أن مجمع المصالح الحكومية المعروف، تكلفت عملية إنشائه نحو مليونَي جنيه، وبنى على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً وبه 1356 حجرة للموظفين، ويميزه بالصالات الواسعة والمناور والنوافذ العديدة والممرات.

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found