طفل أمام القضاء بتهمة ”قبلة في الحضانة”.. محكمة حوش عيسى تُبرئ المتهم الأصغر سنًا في مصر

في واقعة تُشبه القصص السريالية وأثارت الدهشة والاستغراب بين المصريين، قضت محكمة أحداث حوش عيسى بمحافظة البحيرة، ببراءة طفل يبلغ من العمر 4 سنوات فقط، بعد أن أُحيل إلى المحاكمة الجنائية على خلفية محضر حرره والد زميلته في الحضانة، متهمًا إياه بـ"تقبيلها دون رضاها"!
البداية.. بلاغ رسمي ضد طفل في الحضانة
تفجرت تفاصيل القصة الغريبة عندما توجه أحد أولياء الأمور إلى قسم الشرطة لتحرير محضر رسمي ضد طفل يبلغ من العمر 4 سنوات، زاعمًا أن الطفل قام بتقبيل ابنته داخل قاعة الحضانة أثناء وقت اللعب، واصفًا ما حدث بأنه "فعل غير أخلاقي يستدعي المحاسبة".
المفاجأة لم تكن فقط في مضمون البلاغ، بل في تجاوب الجهات الرسمية معه، حيث تم تحويل الواقعة إلى النيابة العامة، والتي أحالت الطفل لمحكمة جنح الأحداث، في سابقة نادرة بل غير مسبوقة قانونيًا وإنسانيًا.
المحكمة تنطق بالبراءة.. وصدمة في الرأي العام
في جلسة لم تستغرق سوى دقائق معدودة، وبعد استعراض أقوال الشهود والاطلاع على ملف الطفل وتقرير الحضانة، أصدرت محكمة جنح الأحداث في حوش عيسى قرارها ببراءة الطفل، مؤكدة انتفاء القصد الجنائي تمامًا، وأن الواقعة لا ترقى إلى أي فعل إجرامي، وإنما تندرج ضمن "تصرفات بريئة في سياق طفولي طبيعي".
وشهدت الجلسة حضورًا إعلاميًا غير مسبوق لمثل هذه القضايا، وسط دهشة كبيرة من المتابعين، حيث علق أحد المحامين قائلًا:
"لم أرَ في حياتي طفلًا عمره 4 سنوات يُحاكم بتهمة كهذه… إنها مهزلة قانونية واجتماعية يجب التوقف عندها."
خبراء: القضية تكشف خللًا في فهم الطفولة والعدالة
علّق عدد من المتخصصين في علم النفس والاجتماع على الواقعة، معتبرين أنها دليل صارخ على تغييب المفاهيم التربوية والإنسانية، مشيرين إلى أن ما حدث هو تصرف فطري من طفل لا يُدرك بعد المفاهيم السلوكية المعقدة.
وقالت الدكتورة منى الجوهري، خبيرة في علم النفس السلوكي:
"تقبيل طفل لطفل داخل الحضانة ليس سلوكًا جنسيًا ولا فعلًا جنائيًا، بل هو تصرف ينم عن براءة. المشكلة ليست في الطفل، بل في عقول الكبار."
مطالبات بتعديل تشريعات حماية الطفولة
أثارت هذه الواقعة موجة من المطالب القانونية بمراجعة آليات قبول البلاغات ضد القُصّر، خاصة في سن ما قبل الإدراك، حيث دعا عدد من نواب البرلمان إلى تعديل تشريعي يمنع تحويل أطفال دون سن السادسة إلى جهات التحقيق في مثل هذه القضايا "العبثية"، على حد وصفهم.
عندما تتحول البراءة إلى تهمة
تحولت قبلة بريئة من طفل في الحضانة إلى قضية جنائية شغلت الرأي العام، لكنها في النهاية أعادت تسليط الضوء على الثغرات الاجتماعية والقانونية في التعامل مع الأطفال، والخلط بين البراءة والاتهام.
براءة الطفل لم تكن انتصارًا قانونيًا فحسب، بل كانت صفعة على وجه المبالغة والتأويل الخاطئ، ورسالة بأن الطفولة ما زالت بحاجة إلى الحماية... لا المحاكمة.