”مندوب الأوهام”.. سقوط نصاب ”وظيفة العمر” في قبضة مباحث عابدين

تمكنت أجهزة مباحث قسم عابدين بالقاهرة من القبض على متهم احترف الاحتيال تحت ستار الوظائف الوهمية، مقدِّمًا نفسه كـ"مندوب شركة أدوية كبرى" في إعلانات إلكترونية زائفة، يستهدف بها الباحثين عن فرص عمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
الحلم المزيف.. إعلان مغرٍ وفخ محكم
بدأت خيوط القصة بإعلان بسيط نشره الجاني على مواقع التواصل الاجتماعي، صيغ باحتراف لاستدراج الحالمين بفرصة حياة جديدة:
"شركة أدوية كبرى تطلب مندوبين.. الراتب يبدأ من 12 ألف جنيه شهريًا مع امتيازات خاصة – سرعة التقديم مطلوبة".
وبمجرد أن يتواصل الضحية، يحدد النصاب معه لقاءً في أحد الأماكن العامة الفاخرة، حتى يُضفي على اللقاء طابع الرسمية، ويرتدي خلاله زيًا أنيقًا يوحي بأنه موظف حقيقي، حاملًا أوراقًا تبدو حكومية، ويتحدث بثقة وخبرة مزعومة.
السيناريو المتكرر.. خدعة الهاتف وسرقة في لمح البصر
خلال اللقاء، وبعد الاطلاع على الأوراق الخاصة بالمتقدم، يستخدم الجاني حيلة تقنية ذكية:
"استنى بس.. علشان نعملك تطبيق الشركة على تليفونك، ده مهم لتسجيل الحضور وبداية التعاقد."
وما إن يحصل على الهاتف بحجة "تحميل التطبيق"، حتى يختفي في ثوانٍ معدودة.. تاركًا الضحية بلا هاتف، ولا وظيفة، ولا حتى بصيص أمل.
هذه الحيلة الذكية والمتكررة تم تنفيذها في أكثر من مناسبة، ومع ضحايا من خلفيات مختلفة، لكن الرابط المشترك بينهم كان: "الحاجة للوظيفة".. و"الثقة في الواجهة الأنيقة".
البلاغات تتوالى.. والشرطة تتحرك
لم تمر الجريمة مرور الكرام، فمع تكرار السيناريوهات ذاتها، بدأت بلاغات متعددة ترد إلى قسم شرطة عابدين من ضحايا مختلفين. وبسرعة تحركت فرق البحث الجنائي لرصد وتتبع أسلوب الجاني.
وبناء على كاميرات المراقبة وشهادات الضحايا، نجحت الشرطة في تحديد هويته، وتبين أنه عاطل عن العمل، وله سجل في قضايا نصب واحتيال بنفس الأسلوب.
وفي كمين محكم، تم القبض عليه داخل أحد المقاهي الفاخرة بمنطقة وسط البلد، وبحوزته عدة هواتف محمولة مسروقة، وأوراق مزورة تحمل شعارات وهمية لشركات أدوية كبرى.
نهاية النصاب.. البداية لتحقيقات موسعة
تم تحرير محضر رسمي بالواقعة، وعرض المتهم على النيابة العامة، التي قررت حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، مع توجيه تهم النصب والاحتيال وسرقة المنقولات وانتحال صفة.
كما طالبت النيابة بسرعة تحريات المباحث حول حجم ضحاياه الحقيقيين، وسط ترجيحات بوجود عشرات البلاغات الإضافية تحت المراجعة.
دروس من القضية: الحذر واجب
كشفت هذه الواقعة عن أسلوب جديد من النصب الرقمي المحترف، يعتمد على استغلال أحلام الشباب وتطلعاتهم للوظيفة، وهو ما يجعل من الضروري التحقق من أي إعلان وظيفي، وعدم تسليم أي بيانات شخصية أو أجهزة إلكترونية دون ضمان رسمي.
وتحذر وزارة الداخلية باستمرار من مثل هذه الأساليب الاحتيالية، داعية المواطنين إلى الإبلاغ الفوري عن أي جهة مشبوهة تدّعي التوظيف بمقابل أو دون وثائق رسمية واضحة.
الحلم أصبح سلعة قابلة للاستغلال
في عالم أصبح فيه الحلم سلعة قابلة للاستغلال، سقط "مندوب الأوهام" في قبضة العدالة، لتبقى القصة درسًا واقعيًا مؤلمًا لضحايا الأحلام المزيفة.