حوادث اليوم
الجمعة 20 سبتمبر 2024 04:37 مـ 16 ربيع أول 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

خزعبلات الطرق الصوفية من الخليلية إلى التيجانية: يا فلبي لا تحزن

الطرق الصوفية
الطرق الصوفية

تعد الطرق الصوفية جزءًا مهمًا من التاريخ الديني والثقافي في مصر، حيث انتشرت وتعددت عبر العصور حتى أصبحت تشكل جزءًا لا يتجزأ من الحياة الروحية لبعض المصريين. ومع ذلك، يُثار الجدل حول هذه الطرق من حين لآخر، خاصةً فيما يتعلق بالممارسات الغريبة التي تُنسب لبعضها، والتي يعتبرها البعض خزعبلات وشعوذة تفتقر إلى الأسس الدينية الصافية.

تاريخ الطرق الصوفية في مصر
بدأت الطرق الصوفية بالظهور في مصر منذ العصور الإسلامية المبكرة، إلا أنها شهدت انتشارًا واسعًا مع مرور الزمن، لا سيما في عهد الدولة الفاطمية التي شجعت الصوفية وممارساتها. ومنذ ذلك الحين، ظهرت العديد من الطرق الصوفية التي أصبحت تمارس طقوسًا وممارسات تختلف من طريقة لأخرى، كل واحدة منها تعتمد على شيخ مؤسس تتبعه مجموعة من المريدين. ومن أبرز هذه الطرق الطريقة الخليلية والتيجانية، حيث لكل منهما تاريخ طويل ومريدون منتشرون في مختلف أنحاء مصر.

النوبة... أيقونة الصوفية في السودان

الخليلية والتيجانية: انتشار واسع ولكن...
الطريقة الخليلية، التي تأسست على يد الشيخ إبراهيم الخليلي، تعتمد بشكل كبير على الذكر الجماعي والأوراد اليومية، ويُقال إن أتباعها يؤمنون بقوة الشيوخ الروحية وقدرتهم على التوسط بين الإنسان والله. في حين أن بعض ممارساتها تتسم بالروحانية والتعبد، إلا أن هناك انتقادات توجه إليها فيما يتعلق ببعض الطقوس التي تتضمن استخدام التمائم والحروز التي يعتبرها البعض شكلًا من أشكال الشعوذة.

الطريقة التيجانية أسسها الشيخ أحمد التيجاني في المغرب وانتشرت بشكل كبير في مصر

على الجانب الآخر، نجد الطريقة التيجانية، التي أسسها الشيخ أحمد التيجاني في المغرب وانتشرت بشكل كبير في مصر ودول شمال أفريقيا. يدعي أتباعها أن شيخ الطريقة لديه "فتح رباني" يمكنه من قيادة أتباعه إلى المعرفة الإلهية المباشرة، ولكن هناك ممارسات مثيرة للجدل ترتبط بهذه الطريقة، من بينها بعض الطقوس التي يعتبرها النقاد غير إسلامية وتتناقض مع الشريعة.

ممارسات غريبة تثير الجدل
بعض الطرق الصوفية في مصر، سواء الخليلية أو التيجانية أو غيرها، تُتهم بتبني ممارسات تخرج عن إطار التعاليم الإسلامية المعروفة. من أبرز تلك الممارسات ما يُسمى بـ"الحضرة"، وهي جلسات ذكر جماعي تشهد حالات من الهياج الروحي والحركات الجسدية الغريبة التي تصل أحيانًا إلى الإغماء أو الدخول في حالة من النشوة الروحية، وهو ما يراه البعض حالة من التقديس المبالغ فيه للشيوخ.

أحمد عمر هاشم يشارك في احتفالات الطرق الصوفية بالمولد النبوي ( فيديو وصور)  - اخبارك الان

مخالفات للتعاليم الدينية الصافية

كما تتضمن بعض الطقوس استخدام "الحروز" والتمائم كوسيلة لجلب الحظ أو دفع الشر، وهي ممارسات أثارت الكثير من الجدل بسبب ما تحتويه من مخالفات للتعاليم الدينية الصافية. تُعتبر هذه الممارسات، وفقًا للنقاد، نوعًا من الخزعبلات التي تعتمد على استغلال الجهل والفقر لإيهام الناس بقدرات خارقة للطبيعة.

هل هناك خطر حقيقي؟
رغم انتشار الطرق الصوفية في مصر لقرون طويلة، إلا أن هناك مخاوف من أن بعض هذه الممارسات قد تضر بالمجتمع بشكل مباشر. فاعتماد بعض الطرق على تقديم الشيخ كوسيط بين الإنسان وربه قد يؤدي إلى تراجع العقيدة الصافية وإضعاف الارتباط بالتعاليم الأساسية للإسلام. بالإضافة إلى ذلك، فإن استغلال بعض الأشخاص الجهل والفقر يجعلهم ضحايا سهلة لهذه الطرق.

من ناحية أخرى، يرى مؤيدو الطرق الصوفية أنها مجرد وسيلة للتعبير عن حبهم لله ورسوله، وأن هذه الطرق تساعد في تعزيز القيم الروحية والإيمان، ولا ينبغي تحميلها مسؤولية الممارسات الخاطئة لبعض الأفراد.

الجانب الاجتماعي والسياسي للطرق الصوفية

بلدنا اليوم/احتفالاً برأس السنة الهجرية.. انطلاق موكب الطرق الصوفية من أمام  مسجد سيدي صالح الجعفري
بالإضافة إلى البعد الديني، تلعب الطرق الصوفية دورًا اجتماعيًا وسياسيًا في مصر. حيث يرتبط الكثير من الطرق بشخصيات دينية وسياسية مؤثرة، وتسعى بعض الطرق لكسب الدعم الشعبي من خلال الأنشطة الاجتماعية والخيرية. كما أن لها تأثيرًا في السياسة، حيث تسعى بعض الجهات للاستفادة من الشعبية الواسعة لهذه الطرق للحصول على دعم شعبي أو سياسي في الانتخابات أو غيرها.

خاتمة: "يا فلبي لا تحزن"
تظل الطرق الصوفية جزءًا متنوعًا ومعقدًا من النسيج الديني في مصر. وبينما يرى البعض أن هذه الطرق تعتمد على الخزعبلات والشعوذة التي تخرج عن إطار الدين الصحيح، يرى آخرون أنها جزء من التراث الروحي الذي يضيف بُعدًا عميقًا للعلاقة بين الإنسان والله. لكن، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الطرق تسهم في تعزيز الإيمان، أم أنها تسير في مسار يُضعف العقيدة الصافية ويشجع على ممارسات خارجة عن الدين.

البحث عن السكينة والطمأنينة

في نهاية المطاف، تظل "يا فلبي لا تحزن" عبارة تُردد في مجالس الذكر، تُعبر عن رغبة مريدي الطرق الصوفية في البحث عن السكينة والطمأنينة في عالم مليء بالاضطرابات. ولكن هل يمكن حقًا أن نجد الطمأنينة في ظل الخزعبلات، أم أن الحقيقة الدينية هي السبيل الوحيد؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام المقبلة.

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found