إحالة ”وحش الكون” إلى الجنايات: جدل قانوني ومجتمعي حول قضية الاتجار بالبشر
في قضية أثارت جدلًا واسعًا، قررت محكمة جنايات الإسكندرية تحديد جلسة يوم 27 يناير لمحاكمة السيدة المعروفة إعلاميًا بـ"وحش الكون"، بتهمة الاتجار بالبشر. جاء ذلك بعد اتهامها ببث مباشر عبر تطبيق "تيك توك"، ظهرت فيه بناتها بملابس اعتبرها البعض "غير لائقة".
القضية، التي تثير تساؤلات قانونية ومجتمعية، تسلط الضوء على التحديات التي تواجه الحريات الشخصية في مصر، خاصة في ظل تطور الوسائل الرقمية وانتشار المحتوى عبر الإنترنت.
موقف الدفاع: القضية تفتقر للأدلة الجنائية
وصف محامي المتهمة، الدكتور هاني سامح، التهمة بأنها "عبثية" وغير قائمة على وقائع جنائية واضحة، مشيرًا إلى النقاط التالية:
- غياب أركان جريمة الاتجار بالبشر
- أكد سامح أن القانون المصري يحدد أركان هذه الجريمة، ومنها الاستغلال، النقل، أو البيع، وهي عناصر غير متوفرة في هذه القضية.
- السياق الثقافي والمقارنات
- أوضح أن ارتداء الأطفال ملابس مشابهة لما ظهر في الفيديو ليس أمرًا جديدًا، حيث كان شائعًا في فوازير رمضان، الإعلانات التجارية، وحتى السينما المصرية.
- عدم وجود نية جنائية
- أشار إلى أن الفيديوهات علنية ولا تحتوي على أي مظاهر استغلال، داعيًا إلى عرضها على جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لتقييمها من الناحية القانونية والفنية.
جدل حول الحريات الشخصية والتقاليد
القضية أثارت نقاشًا واسعًا حول الحريات الشخصية وحدود القانون، خاصة مع تصريحات المحامي بأن الاتهام يعكس "أفكارًا رجعية" تهدف إلى تقييد النساء وأسرهن. كما أشار إلى أن المجتمع المصري شهد تطورات ثقافية وقانونية كبيرة، وأن مثل هذه الاتهامات قد تعيد إنتاج قيم متشددة تتعارض مع تلك التطورات.
مقارنة قانونية وثقافية
طالب الدفاع بمقارنة الواقعة بظهور الأطفال في الإعلانات، المسلسلات، والبرامج التلفزيونية، حيث تُعرض مشاهد مشابهة دون أن تُعتبر تجاوزًا قانونيًا. وأضاف أن الاتهام يفتقر إلى الأساس القانوني الذي يفرق بين الممارسات اليومية والتجاوزات الجنائية.
القانون المصري وجريمة الاتجار بالبشر
تعرّف القوانين المصرية الاتجار بالبشر بأنه استغلال الأشخاص عبر النقل، الإيواء، أو التوظيف بقصد الاستغلال الجنسي أو غيره. وأكد المحامي أن هذه العناصر غير متوفرة في الواقعة، وأنه لا توجد أدلة تثبت وجود استغلال أو قصد جنائي.
الانعكاسات المجتمعية والقانونية
القضية تسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه السلطات في التوفيق بين تطبيق القانون واحترام الحريات الشخصية. كما تُثير التساؤلات حول كيفية التعامل مع المحتوى الرقمي، خاصة مع الانتشار الواسع للتطبيقات مثل "تيك توك"، التي أصبحت ساحة للجدل القانوني والأخلاقي.
انتظار الفصل القضائي
القضية، التي تمثل اختبارًا للمفاهيم القانونية والمجتمعية، تنتظر حكم القضاء لتحديد ما إذا كانت الأفعال التي اتُّهمت بها المتهمة تندرج تحت جريمة الاتجار بالبشر أم لا. وبينما يرى البعض أن الاتهام يعكس حماية للقيم الاجتماعية، يرى آخرون أنه يتعارض مع الحريات الشخصية والتطور الثقافي.
يبقى السؤال الأهم: هل يُعاد النظر في القوانين لضبط استخدامها بما يوازن بين حماية المجتمع واحترام الحريات؟ الإجابة ستكون مرهونة بما ستقرره محكمة الجنايات قريبًا.