الأسرار الكاملة لـ مقتل مأمور ضرائب في الفشن
لم يكُن يدري أن وداعه لأبنائه الـ6 سيكون الأخير، لم يعرف أن من ينتظرون خطابات الإعفاءات السكنية بينهم من سيُنهي حياته، ولم يدر أن إيصالات الإعفاءات التي يحملها ستكون الشاهد الأخير على دمائه، تاركًا سيرة طيبة وقصاص يرجوه كل من عرفه، وبين هذا وذاك دعوات هزت جموع العاملين في قطاع الضرائب العقارية من أقصى البلاد إلى أقصاها يُطالبون بمحاسبة من فعل ذلك به وقتله شر قتلة أثناء ممارسة عمله.
على بُعد أمتار من وسط قرية التلت التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة الفشن بمحافظة بني سويف، وبينما تسير الحياة هادئة كعادة القرية ظهيرة يوم الثلاثاء الماضي، قطع الهدوء والصمت، صرخات خرجت من عدة حناجر جراء واقعة بدت كما لو كان أحدهم يذبح الآخر في قارعة الطريق، وحين وصل الناس وجدوا الشخص الذي يعرفونه دومًا بلقب الأستاذ بركات -مأمور الضرائب- سقط أرضًا مُضرجًا بدمائه التي سالت من رقبته وأغرقت الإيصالات التي يحملها لأجل توزيعها على أصحابها ممن صدرت لهم إخطارات بالإعفاءات السكنية.
تجمهر الجميع في مشهد مهيب، قبل أن تتبين تفاصيل ما جرى فور حضور الأجهزة الأمنية إلى مسرح الواقعة؛ إذ تبين أن مأمور الضرائب قد قُتل على يد شاب يبلغ من العمر 22 عامًا، بعدما استل الأخير سلاح أبيض -مطواة- سددها المجني عليه في رقبته ليودي بحياته.
الوداع الأخير
قبل ساعات من وقت الجريمة، كان المجني عليه يقف على عتبة مسكنه يلوح بنظراته ويديه لأهل بيته، دون أن يدري أنه الوداع، وبين جنبات البيت كان أبنائه الستة -5 بنات وولد- هم ثمرة حياته التي لم يدخر جهدًا في رعايتهم، حتى أن ولده كان طالبًا في واحدة من كليات القمة -اقتصاد وعلوم سياسية-، وكانت الأسرة بسيطة لا يحلمون بأكثر مما هم فيه وأن يرزق الله والدهم، لكن جاء ما حدث ليُطيح بكل شيء بعدما وصلهم خبر الأب وأنه قد قُتل أثناء عمله دون حول ولا قوة.
المعلومات الأولية دلت على أن المجني عليه بركات حسن حسين، 45 عامًا، مأمور ضرائب عقارية، مُقيم في نطاق ودائرة مركز الفشن، كان يمارس عمله اليومي في توزيع الإخطارات الخاصة بالإعفاءات السكنية في قرية تلت التابعة لمركز الفشن، وأثناء ذلك نشبت مشادة بينه وبين مع أحد الممولين -المتهم-، ويُدعى "محمد. س"، 22 عامًا، انتهت بأن استل الأخير سلاح أبيض -مطواة- وسدد بها طعنة نافذة في رقبة المجني عليه أودت بحياته على الفور.
وتحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما يُشبه السُرادق الكبير لجموع المنتمين إلى قطاع الضرائب، والجميع يؤكد أن المجني عليه شهيد العمل، دفع حياته ثمنًا لسلوك شخص قاتل أنهى حياته بمطواة، وسط مطالبات انقسمت في اتجاهين؛ الأول يُطالب وزارة الداخلية والجهات المختصة بسرعة ضبط المتهم وتقديمه للعدالة الناجزة، والثاني يُطالب وزارة المالية بتوفير حماية لمأموري الضرائب من شأنها أن تمنع حدوث مثل هذه الواقعة مستقبلًا.
آثار الدماء على أحد الإيصالات صورة المجني عليه الإيصالات وعليه آثار دماء المجني عليه مأمور الضرائب المجني عليه