حوادث اليوم
الجمعة 22 نوفمبر 2024 01:05 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

فيش وتشبيه| مهدى عبدالحليم يكتب .. حاسبوا الآباء قبل ضياع الأبناء

الكاتب الصحفى مهدى محمد عبدالحليم
الكاتب الصحفى مهدى محمد عبدالحليم

بقلم - مهدى محمد عبدالحليم

رئيس جمعية الإعلاميين العرب

حاسبوا الآباء، عن تربية الأبناء، حاسبوهم عما ارتكبوه فى حياتهم من سوءات، حاسبوهم عن ترك الأبناء فى الشوارع بظلمة الليالى السوداء، حاسبوهم عن إهمال الأبناء.

أفزعتنى وغيرى الكثيرين من الآباء، جريمة القتل التى أحزنت المجتمع وكشفت عن الوجه القبيح للبلطجة والعنف، والتى راحت ضحيتها الطالبة الجامعية فى المنصورة، ومن بعدها الطالبة الأردنية، ومن بعدهما الشاب القليوبى، «طاهر»، وجعلتنى الجرائم الثلاث أدور بذاكرتى وخبرتى التى اكتسبتها من خلال عملى الصحفى بقسم الحوادث، فى العديد من الصحف المصرية، ومهما تحدث الجميع عن أن الجريمة بشعة، فأتذكر هناك جرائم أكثر بشاعة منها، بل وأكثر غرابة، ولكن ما يفزع وما يزيد الأمر صعوبة، أن ما حدث جاء بدافع الانتقام فلا يمكن لأحد أن يتقبل ما حدث، وإن كنت أشبه جريمة القتل التى راحت ضحيتها الفتاة الجامعية على يد زميلها فى وضح النهار، بجريمة اغتصاب بالإكراه، فالشاب القاتل حاول الارتباط بزميلته وهذا حقه أن يكشف لها عن حبه، فلما رفضت أقصاها من الحياة، وهذا ليس حقه .. وهنا فإنى أرى أن الحب الكبير الذى تحدث عنه الشاب تحول إلى نيران وجحيم، دفعه للانتقام بشكل جنونى، دون تدبر.

وقد لا تختلف ظروف الجريمة الأردنية عن جريمة المنصورة، ففيها عنف وإجبار على شىء قد لا تحبه الفتاتين، أما الجريمة التى شهدتها مدينة قليوب وراح ضحيتها شاب فى مقتبل حياته كان ينتظر مولوده الثانى، تكشف فى الحقيقة عن أقبح الوجوه فى عالم الجريمة والإجرام والبلطجة، وتجارة الممنوع، لن أتحدث عن ظروف القضية لكن الحديث يجب أن يكون بشأن إزهاق روح بنى آدم .. وعلينا أن نتحرك، لمواجهة هذه الكوارث التى تهدد بقاءنا على وش الأرض.

من هنا أطالب بالبحث عن أصل هذه الجريمة والتى أرى أن بدايتها تنطلق من داخل الأسرة المصرية، فلو أن هذا الشاب تأسس على أصول الدين، محترما ومعترفا بالعادات والتقاليد الشرقية الأصيلة لكان الوضع أفضل بكثير عما هو عليه الآن، ولو أن أسرته علمته كيف يتحلى بالوازع الدينى، لكانت الأمور لديه على ما يرام، ولم يتورط فى أى جريمة، وكان سيعلم أن حريته تنتهى عند بداية حرية الطرف الآخر.
لا أعفى العوامل المساعدة للتربية من مسئوليتها عن جريمة الشاب، فالفن أحد أهم الوسائل المساعدة فى تربية النشء، وله دوره البارز فى إكساب الأولاد الخبرة، إما بالتأسيس الخاطئ كهذا الشاب، الذى تبلغ خبرته فى الحياة «زيرو» وسيطرت عليه ردود أفعال «الألمانى»، و«رفاعى»، وأبال مسلسل نسل الأغراب، والجزيرة، وغيرها من عناصر البلطجة والإجرام فى الفن المصرى، حيث أسرع بإصدار عقابه على الفتاة، التى كانت ينتظر منها أن توافقه، وتسير معه كيفما يريد، وفى جريمة قليوب، ظن أهل البلطجة أنهم أناس فوق القانون، وأن أحدا لن يمنعهم أو يقف أمامهم وراحوا يوجهون السلاح فى وجه القاصى والدانى فى الشارع حتى أسقطوا قتلى وجرحى فى مشاهد لا يمكن أن تتكرر.
ولا أعفى مؤسساتنا الدينية، والتربوية والتعليمية، التى أهملت الأسس، وبدأت تتحدث عن الفرعيات، كما أتهم الأب والأم والعائلة بإهمال العادات والتقاليد والجرى وراء التكنولوجيا الحديثة، بل وتركت الأبناء ضحية لهذا التطور.
يا سادة كلنا مسئولون، ولا أعفى أحد من المسئولية، فكل أب وكل أم مسئولان عن تربية الأبناء بصورة كاملة، وعلينا أن نبحث عن تكامل الأدوار، فالمعلم، والداعية الدينى، والشارع، وأهل الفن، مسئولون عن تربية النشء، فلو أدى كل منا دوره كما يجب أن يكون فستكون النتيجة طيبة، أما إذا تخاذل أحد عن أداء دوره فلن تكون النتيجة محمودة أبدا.
يا سادة .. اجعلوا جريمة القتل التى ارتكبها الشاب فى جامعة المنصورة، ناقوس الخطر يهدد بأن هناك إخفاقات فى الأدوار وعلينا أن نتدارك الأمور ونعيد تصحيح البيوت وترتيب الأدوار بها من جديد.
وللحديث بقية..

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found