حوادث اليوم
الأحد 17 نوفمبر 2024 12:40 مـ 16 جمادى أول 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

هاتف محمول يكشف تفاصيل مقتل عجوز أبوالنمرس على يد شقيقه

جثة
جثة

بمجرد أن تفتح باب الشقة، تشتم «رائحة كريهة» تنبعث من كل ركن، وعلى جدران الحائط يمينًا ترتسم آثار بقعٍ من الدم؛ منها ما تبقى على سجادة الصالة التي تحوّلت إلى «اللون الأحمر»، وإلى اليسار «جلباب مُعلّق» وكأنه الشاهد الوحيد على مقتل مُسِنّ تعفّنت جثته، بمنطقة أبوالنمرس في محافظة الجيزة.

بفكر أبيع البيت ده

أول ما نبه الجيران لمقتل «حربى» كانت رائحة جثته المتعفنة، وما أشار إلى ارتكاب شقيقه الجريمة كان استيلاءه على تليفونه المحمول، وبيعه لسيدة بسيطة؛ فبمجرد أن اتصلت بها الشرطة حين تتبعت خط الهاتف، قالت: «اشتريت التليفون ده من واحد اسمه (محمد)، بقالى 3 أيام»، وأدلت بأوصافه، التي تطابقت مع شقيق المجنى عليه، ليتم إلقاء القبض عليه، بعد أن كانت دائرة الاشتباه في بادئ الأمر تحوم حول ابنة «العجوز» وزوجها لاختفائهما قبل وبعد ارتكاب الواقعة، رغم أنهما كانا يجهزان للسكن بالشقة المجاورة للضحية.

منزل مكون من 3 طوابق في حارة ضيقة، وسط منطقة شعبية، أغلب قاطنيها من البسطاء، كان محل سكن «حربى»، الذي حضر لاستئجار شقتين بالدور الأخير، قبل 10 أيام من مقتله، إحداها له والثانية لابنته وزوجها، لم تجمعه علاقة بأحد سوى بجاره أحمد عز، نجار، مرة يطلب منه «دور شاى»، وأخرى يناديه لمعاونته في تركيب «العفش».

«حربى»، وفق جاره، حضر من مسقط رأسه في بنى سويف، حيث تخلى عنه أولاده، «واحد فيهم طرده شر طردة، والتانى قال له ظروفى على قدى»، هكذا حكى «العجوز»، وعيناه مملوءتان بالدموع، للجار، قبل أن يودع الدنيا، مشيرًا إلى إصابته بـ«جلطة» لفرط حزنه، ولم يكن أمامه من سبيل سوى الحضور إلى قرية «ترسا» في منطقة أبوالنمرس، ليبدأ حياة جديدة، والعمل مع أولاد عمومته في توزيع «الجوارب» على المحال المختلفة.

ذات مساء، أجهش «حربى» بالبكاء، وفضفض لجاره بأن لديه أخًا يطمع فيه لامتلاكه منزلًا في البلد يساوى نحو 2 مليون جنيه، قائلًا: «بفكر أبيع البيت ده، واشترى الشقتين اللى مأجرهم، ويبقو بتوعى، وأعيش مع بنتى هنا لأنها الوحيدة اللى بتراعينى».

6 طعنات بأنحاء متفرقة من جسده

قبل حلول عصر كل يوم، يتوجه «المُسِنّ» إلى مصانع «جوارب» يخص أقاربه في أبوالنمرس لإحضار بضاعة ليحملها داخل حقيبته القماشية، ثم يقوم بتوزيعها على محال الملابس الجاهزة، ويودع جاره الذي يستذكر آخر مرة رآه فيها: «قالِّى هرجع أقعد معاك بالليل، ومن ساعتها لم أرَه سوى جثة هامدة»، ويتابع: «تلك الليلة سمعت أصوات دبدبة على السلالم، قبل حلول الفجر، لم أضع شيئًا في رأسى، لكننى فكرت وقلت في نفسى مين هييجى لـ(حربى) في وقت زى ده، ويخبط عليه؟!».

ذاع خبر اختفاء «حربى»، وأصبح حديث كل التجمعات بالمنطقة، ثم استيقظ الناس ذات صباح؛ فإذا برائحة كريهة تنتشر، والجميع يشير إلى مصدرها، وباستدعاء مالك العقار، محل سكن «العجوز»، طلب الشرطة التي حضرت، واكتشفت جثمان الرجل الستينى في حالة تعفن، وبجوارها آثار دمائه تُغرق جدار حائط وسجادة.

وكثرت الأقاويل حول مقتل الرجل، البعض قال إن ابنته وزوجها ارتكبا الجريمة، كونهما اختفيا في ظروف غامضة، وبالاتصال بها لإعلامها بالواقعة وجدوا تليفونها مغلقًا، حسب جارة المجنى عليه، التي تحدثت لـ«المصرى اليوم»، مشيرة إلى أن المباحث والطبيب الشرعى قالا إن «حربى» تلقى 6 طعنات بأنحاء متفرقة من جسده، وأغلبها تركز في البطن والظهر، وجرى التعدى عليه على رأسه بـ«بلاطة» عُثر على آثار دماء عليها.

القبض على المتهم

لم يرَ جيران «حربى» أيًّا من أولاده سوى ابنته، وكذا لم يشاهدوا أشقاءه، رغم حديثه عنهم لجاره «أحمد»، ليمثل الحادث لغزًا لم يكشفه سوى اكتشاف الشرطة اختفاء متعلقات المجنى عليه من شقته، وعلى رأسها هاتفه المحمول، الذي بتتبعه وُجد أنه بحوزة «سيدة»، أدلت بأوصاف المتهم، وبرصد خط سيره من خلال كاميرات المراقبة، أظهرت مجيئه إلى منزل شقيقه في توقيت معاصر لمقتله.

وألقت الشرطة القبض على المتهم، الذي عُثر على بصماته بمسرح الجريمة، واعترف بوجود خلافات قديمة بينه وبين المجنى عليه حول تقسيم الميراث، قائلًا: «حضرت يوم الواقعة إلى مسكنه، وخلّصت عليه، بعد احتساء الشاى سويًّا، ولما فتشت الشقة لم أعثر على أي أموال.. فكرت إنه مخبّى فلوس معاه لما ساب البلد».

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found