في واقعة السائحة والشاب والحمار: التحقق مع أطراف المشكلة وبلاغ رسمي من الطرفين

تواصل السلطات المصرية التحقيق في حادثة اعتداء سائحة هولندية على شاب مصري بمنطقة نزلة السمان المجاورة لمنطقة الأهرامات بالجيزة، بعد أن شاهدته – بحسب روايتها – يضرب حمارًا باستخدام "كرباج"، في مشهد استفز مشاعرها ودفعها إلى مهاجمته بعصا خشبية وسط ذهول من المارة.
المشهد الأول: غضب أوروبي من مشهد مصري
الواقعة بدأت عندما كانت السائحة الهولندية تتجول في المنطقة السياحية برفقة صديقتها، والتقطتا بعض الصور لركوب الخيول والجمال، قبل أن تلمحا شابًا يضرب حمارًا بطريقة وصفتها بـ"القاسية".
دون تردد، توجهت السائحة إلى الشاب واعتدت عليه بعصا كانت بيدها، بينما وثقت صديقتها المشهد في مقطع فيديو انتشر لاحقًا كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع السلطات للتحرك العاجل.
الشرطة تتحرك.. واستدعاء الطرفين
وعقب انتشار الفيديو على الإنترنت، الذي أثار موجة واسعة من الجدل بين النشطاء، خاصة المهتمين بحقوق الحيوان، استدعت الأجهزة الأمنية الطرفين إلى قسم شرطة الأهرام، وتم تحرير محضر رسمي بالواقعة، وتحفظت السلطات على السائحة تمهيدًا لعرضها على جهات التحقيق يوم الجمعة 11 أبريل الجاري.
رواية الشاب: "فوجئت بها تضربني وبتجري ورايا"
من جانبه، أدلى الشاب المصري ويدعى بلال محمود بأقواله أمام النيابة، مؤكدًا أنه لا يعمل في مجال الخيول أو الحمير كما تداول البعض، بل يعمل في محل ملابس، والحادث وقع أمام منزله أثناء محاولته عبور الشارع بصحبة الحمار، وقال في تصريحاته:
"كل ما أحاول أعدي، الحمار كان بيرفصني، فمسكت العصاية وضربته على خفيف، فجأة السائحة هجمت عليا وضربتني، وبعدها جريت لقيتها بتجري ورايا تاني علشان تضربني".
وأكد بلال أنه لا يعرف السائحة من قبل، وأن صديقتها قامت بتصوير الفيديو دون علمه، وهو ما سبب له أذى نفسي كبير خاصة بعد انتشار المقطع على الإنترنت.
اتهامات متبادلة.. وبلاغ رسمي من الطرفين
محامي الشاب، أحمد ماهر، صرّح بأن موكله بلال قرر تقديم بلاغ رسمي ضد السائحة بتهمة الاعتداء عليه بالضرب، مشيرًا إلى أن المقطع المصور يُظهر بوضوح ما حدث، ويبرئ موكله من أي سلوك عنيف تجاه الحيوان.
وفي المقابل، اتهمت السائحة الهولندية الشاب بالسبّ والقذف، بحسب المحضر الذي سجلته أمام الشرطة، ليصبح الموقف أكثر تعقيدًا ويأخذ منحى قانونيًا، وسط حالة من الترقب لمصير القضية التي لاقت اهتمامًا إعلاميًا واسعًا.
مواقع التواصل تنقسم بين مناصري «حقوق الحيوان» و«الكرامة الإنسانية»
أثارت الواقعة حالة جدلية واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المستخدمون بين مؤيد لتصرف السائحة ورافض لتجاوزها على المواطن المصري، ورأى البعض أنها تمثل "رد فعل طبيعي على العنف ضد الحيوانات"، فيما اعتبر آخرون أن "السائحة تجاوزت حدودها وتدخلت في ما لا يعنيها".
وكتب أحد المغردين:
"كان المفروض تبلغ الشرطة مش تضرب بإيدها!"
بينما رد آخر:
"برافو عليها، الحيوانات كائنات بريئة ومحدش له حق يعذبها".
النيابة تواصل التحقيق.. والحسم خلال أيام
من المتوقع أن تُعرض المحاضر والتحقيقات الأولية على النيابة المختصة خلال الساعات المقبلة، وسط تأكيدات من مصادر قانونية أن القضية ستأخذ مسارًا طبيعيًا وفقًا لمبدأ العدالة المتساوية، وستتم مواجهة الطرفين بما توفر من أدلة، وعلى رأسها الفيديو المتداول.
حادثة نزلة السمان فتحت بابًا واسعًا من الأسئلة حول حدود التفاعل الأجنبي مع القضايا المحلية، وحقوق الحيوان في مصر، والتوازن الدقيق بين الإنسانية والخصوصية الثقافية. وبين السائحة الغاضبة والشاب المصري، تبقى الحقيقة في انتظار كلمة القضاء.