”ابتعدت عن أبى وربنا عوضنى لكنى أفتقد أمى”
من قلب معاناة تتجاوز بكثير سنوات عمرها الـ 22 أرسلت تقول: "أنا وحيدة أمي وأبويا، للأسف والدي شخص صعب جدًا وعمره ما كان حنين عليا، وأنا عندي 19 سنة اتخانقنا فسبت البيت ومشيت رحت عند واحدة تعتبر صديقة للعيلة. لكن للأسف كان عندها ولد أكبر مني ومدمن، واعتدى عليا، لأني للأسف لما كنت في بيت أهلي مكنتش بخرج ولا بفهم في الناس خالص وتعامل بحسن نية مع الكل. دارت الأيام ووالدي وصل لمكاني ورجعني. عنفني وضربني كالعادة، وحين أخبرته بتعرضي للاعتداء لكنه لم يصدقني وحبسني في البيت.
مع الوقت كلما يتقدم لي عريس يرفضه ويجرحني بالكلام. أمي لا حول ولا قوة لها معه لأنه يضربها حين تدافع عني، وهي أيضًا صاحبة مرض. بعد وقت بدأ يتحرش بي من دون علمها وحين أرفض يضرب أمي ليوجعني بها فتركت البيت والمحافظة كلها، وأصبحت أعمل وأعتمد على نفسي. واجهت بهدلة كثيرة ولكن ربنا عوضني بشخص يحبني جدًا وأنا أيضًا أحببته. أخبرته أن عندي مشاكل مع والدي ولا أكلمه وهو صدقني، وتمسك بي رغم اعتراض أهله وخطبني وكتبنا الكتاب من شهرين لكني لم أخبره أبدًا بتفاصيل ما حدث مع والدي. يوجعني الآن أن أمي وحشتني أتمنى أن اطمئن عليها لكني خائفة والدي يصل لي ويعرف زوجي بالحقيقة وأخسره. لا أعرف ماذا أفعل؟".
القارئة العزيزة بقدر ألمنا لافتقادك السند والأمان والحماية من الأب الذي يفترض أن يكون أهم مصدر لهم، بقدر فخرنا بشجاعتك ونجاحك في الابتعاد عن هذا الجو الموبوء، وسعادتنا لأنك التمستِ عوض الله ورزقتِ بالزوج الذي يعوضك عن معاناتك المبكرة. تقول لكِ الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري مشكلتك مفجعة جدًا لافتقادك الأب رغم وجوده على قيد الحياة، والمؤلم أكثر أنه لم يقصر فقط بدوره كسند لكِ ومصدر أمانك وإنما تحول إلى وحش ينهشك.
هو بالطبع غير سوي وقد يكون واقعًا تحت تأثير الإدمان، وأيًا كان السبب فأنتِ بطلة والقرار الذي اتخذتيه بالخروج من هذا الجحيم قرار صائب للغاية، لا ينبغي أن تترددي فيه ولا تشعري بالذنب لأنك ابتعدتِ فهذا الأب قنبلة موقوتة ولم يكن بيدك أي حل آخر. أتفهم خوفك على أمك وافتقادك لها، خاصة في هذه المرحلة والاستعداد للزواج وهي المرحلة التي تحتاج كل فتاة أمها إلى جانبها، ولكن للأسف لا ينبغي أبدًا أن تعودي قبل أن تتمي زواجك وتستقري.
لا يفضل أن تخبري أمك بمكانك ولا باستعدادك للزواج لأنها قد تخبره بذلك ويزل لسانها بالخبر أو يضربها هو حتى يعرف مكانك فيصر على الوصول إليكِ وإفساد حياتك. يمكنك الاطمئنان عليها عن طريق مرسال محل ثقة يطمئنها عليكِ كي لا يظل قلبها ملتاعًا من الخوف عليكِ ولكن لا يخبرها بمكانك.
ويمكن من خلال الوسيط تحددي موعدًا للقائها بعيدًا عن بيتك وبعيدًا عن بيتها لتقري عينك بها دون أن تتعرضي للأذى، وتذكري أن أمانك أولولية حتى بالنسبة لأمك، وأنها قادرة على التكيف والتعايش ولكن الأذى الذي قد تتعرضين أنتِ له منه أسوأ.
وبالنسبة لزوجك قوي علاقتك به، وتذكري أنك لم تكوني مسؤولة عما حدث لكِ في بيت والدك فلا تشعري بالذنب ولا أنك مرتكبة خطأ.