مأساة سيدة الوراق: سكسونيا قتل ابنها.. وأخوها مات حزنًا عليه وقت الجنازة
«موتكم كسر ضهرى، قلبى من جوه بيتقطع، حسرتى كبيرة عليكم».. ترددها «عايدة» حزنًا على ابنها «العريس» الذي قتله جاره في خلاف بينهما على الوقوف أمام منزلهما في الوراق بالجيزة، لعدم تدخين وبيع المواد المخدرة، ووفاة أخيه أثناء سيره في جنازة الابن، تقول إنها لم تذق مرارة الفقد هكذا من قبل، فاعتزالها للناس أصبح وضعها الدائم.
«إخواتي بنات وأمي ست كبيرة»
مقتل «حسن»، 24 عامًا، سبّاك، على يد جاره «سكسونيا»، كان أول معرفة لأمه بالخبر الذي حدث دون علمها، فهذه سيدة تستوقفها وتحدثها عن الابن «ده جه عملنا شغل لله، ولما قلت له خد فلوس، قالى يا حاجة كلنا غلابة على الله»، وأخرى تقول لها «ده كان آية تمشى على الأرض، كان بيعطينا كتير». تقول ابنة خاله وقلبها يتمزق: «كنا نستعد للخطوبة. كنا نجهز المراسم من معازيم والدبل اخترناها سوا».
«حسن» بضحكاته البريئة وملامحه الطيبة، وإشارته بالسلام لكل جيرانه، كانت صورته الأخيرة قبل مقتله بطعنتين نافذتين بسكين «سكسونيا»، فكان بين المشهدين «خسة» يذكرها شهود العيان، وأسرة المجنى عليه.
في الـ5 مساء الثلاثاء الماضى نزل «حسن» من بيته ففوجئ بوجود «سكسونيا» بمدخل العقار محل سكنه، بهدوء قال له: «لو سمحت مينفعش تقف هنا، تشرب وتبيع مخدرات، إخواتى بنات وأمى ست كبيرة، نازلين دلوقتى».
لم تمر كلمات «حسن»، مرور الكرام، «سكسونيا» أراد أن يعاقبه في الحال، أخرج سكينًا من بين طيات ملابسه، حاول طعنه في بطنه، لكن صراخ السيدات فزع الجيران الذين دافعوا عن الشاب العشرينى، وكى يتقوا شر المعتدى طالبوا المجنى عليه «قبّل راسه، ده زى أخوك»، تروى والدته والدموع تتساقط من عينيها «إحنا ناس ماشية جنب الحيط».
«اتصلوا على أخوكم نشوف فيه إيه»
مضى «حسن» إلى «أكل عيشه»، متصورًا اكتمال الصلح مع «سكسونيا»، ولما عاد ليلًا بعد رحلة شقاء، قالت له أمه: «ابعد عن الشر وغنى له، ده كان جاى لصاحب البيت بيقول كده، سيب أي حد يتصرف معاه»، ثم حاولت أن تخفف وطأة الموقف عن ابنها «هتلبس الدبل إمتى يا واد، عايزة أفرح بيك، وأشيل عوضك»، ارتمى في حضنها، يطمئنها «لا تقلقى عليا يا أمى، أنا من البيت للشغل والعكس».
«عايدة»، لم تهنأ بتنفسها الصُعداء كثيرًا، بعد كلمات الابن، فما هي إلا 48 ساعة حتى انقلبت الأمور رأسًا على عقب، ففيما كان «حسن» يحمل موتور مياه على كتفه، متوجهًا إلى جار لتركيبه، تربص به «سكسونيا» لحظة انقطاع التيار الكهربائى بالمنطقة، وأخرج سلاحه الأبيض مسددًا له طعنة في الصدر ولما صرخ «إلحقونى» حاول جاره الإمساك بيد الجانى لكن الأخير لم يمهله فأسرع بتسديد طعنة ثانية بالقدم اليسرى للمجنى عليه.
في ذلك التوقيت، كانت والدة «حسن» في شرفتها تنشر الملابس، وتسمع أصوات صراخ وجرى شباب هنا وهناك، ونبضات قلبها تدق بسرعة، فلا تعرف ماذا يحدث؟، وحدسها يخبرها بأن «شرا قد وقع»، فمع صياحها في بناتها «اتصلوا على أخوكم نشوف فيه إيه»، كان «والد حسن» قد وصل إلى بيته، يسأل بصوت عال: «إنتوا قاعدين هنا، ومتعرفوش اللى جرى للواد؟».
«مرحموش ابنى وهو بيتصفى»
اتصلت «أم حسن»، على أصدقاء الابن، فلا أحد يجيب عليها، حتى منتصف الليل، أحدهم أخبرها «ابنك متعور وفى المستشفى». هرولت إلى هناك لتجد أصغر أبنائها «بين الحياة والموت»، ويرقد على أجهزة التنفس الاصطناعى «فين ضحكاتك يا حبيبى؟، مش هتقوم عشان تختار دبلة الخطوبة، بنت خالك في انتظارك بره مش هتجيبوا الفستان سوا»، هكذا دار حديث بين الأم وابنها من خلف زجاج حجرة العناية، حيث الكلام من طرف واحد، وبلا إجابات من المجنى عليه، طيلة 3 أيام، انتهت بينما «فلذة كبدها» يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وصل جثمان «حسن» إلى مشرحة زينهم، ليخضع لإجراءات الصفة التشريحية، ووالدته تنهار أمام جثته، فيما شهود العيان يحكون أمامها أن الابن لما سقط على الأرض غارقًا في دمائه، تعدى شقيق المتهم عليه بالضرب بالركلات «مرحموش ابنى وهو بيتصفى، مش عندى غير طلب واحد، وهو القصاص القانونى العاجل عشان نار قلبى تبرد».
«ساب 5 بنات يتامى»
ضبطت أجهزة الأمن «سكسونيا» واعترف بارتكاب الواقعة «عشان يعلم المجنى عليه الأدب»، وبذلك التوقيت كان العشرات يشيعون جنازة «حسن» ومن وسطهم سقط خاله، 50 عامًا، متوفيًا حزنًا أثناء أداء الصلاة، لتقول والدة المجنى عليه: «مصيبتى بقت اتنين، المتهم خطف روح ابنى، وتسبب في وفاة أخويا، ده ساب 5 بنات يتامى».
أهالى المنطقة محل الواقعة أبدوا مشاعر كراهية تجاه «سكسونيا»، وقالوا إنه يبيع مخدر «الآيس»، فيما أكدوا على حسن أخلاق المجنى عليه وأبدوا حزنهم على فراقه. ولم يخل منزل «حسن»، حتى الآن من المعزين، فالجميع يعتبرونه ابنا لهم.