الروبل الروسي يتجاوز 300 عقوبة ويصعد ثم يصعد - اعرف السر
في حالة ليست شائعة الحدوث، صعد سعر صرف الروبل الروسي أمام الدولار لأعلى مستوى في أكثر من 25 شهرا، في تعاملات الصباحية.
ويطرح هذا الارتفاع، علامات استفهام حول حقيقة صعود الروبل أمام العملات الأجنبية، وسط حزم عقوبات تجاوز عددها 300 عقوبة غربية، بصدارة القطاعين المالي والمصرفي في موسكو.
صعود الروبل، يأتي مع عدم وجود أفق لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت في 24 فبراير 2022، وطالت تأثيراتها الاقتصاد العالمي ككل، بصدارة أسعار المستهلك التي سجلت مستويات قياسية.
تظهر بيانات بنك روسيا المركزي أن سعر صرف الروبل سجل مستوى 76 أمام الدولار قبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ثم تراجع إلى 150 في الأسبوع الأول من مارس الماضي.
لكن اليوم، يبلغ سعر صرف الروبل 66.3 مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى للعملة الروسية منذ الشهر الأول لتفشي جائحة كورنا عالميا في مارس 2020.
وسرعان ما بدأت الحكومة الروسية والبنك المركزي، الترويج منذ منتصف الشهر الماضي، لقوة الروبل وأنه مرن تجاه العقوبات الغربية المفروضة ضد موسكو، بمعنى أن العقوبات لم تنجح في الإضرار بمفاصل الاقتصاد الروسي.
وساعدت الضوابط الطارئة على رأس المال في انتعاش الروبل داخل موسكو، حيث تضاءلت أحجام التداول مقارنة بما كان عليه قبل أن يبدأ الكرملين ما يسميه "عمليته العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
ومن هذه الإجراءات التي فرضها البنك المركزي الروسي، منع الأجانب من شراء أو بيع الأصول، أو تداول النقد الأجنبي خارج روسيا، وتحويل عائدات الصادرات لدى التجار لعملة الروبل، على أن يحصل البنك المركزي على الدولار.
وقال الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، بول كروغمان، إن الروبل أصبح هدفا حاسما لروسيا للدفاع عنه أمام العقوبات الغربية، باعتبار الروبل مرآة لشكل وطبيعة الاقتصاد الروسي.
وأضاف كروغمان في مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز مطلع الشهر الماضي: "لذا فإن الدفاع عن الروبل، بغض النظر عن الاقتصاد الحقيقي، أمر منطقي كاستراتيجية دعائية".
وما زاد من قوة الروبل، بحسب ما يقوله متعاملون في أسواق المال الأجنبية، أن روسيا تنفذ حملات وهمية لطلب الروبل من السوق المحلية، بهدف الحفاظ على قيمته وسمعته بين المواطنين الروس.
وتتمثل الحملات الوهمية من خلال شركات تقوم بطلب ودائع بعملة الروبل، وهي خطوة من شأنها أن تخفض معروض العملة الروسية، ما يجعل وفرتها داخل الأسواق متوازنا إن لم يكن محدودا.
السبب الثالث الذي قد يكون سببا في ارتفاع الروبل، يتمثل في ضعف الموقف الغربي من فرضية فرض عقوبات على النفط والغاز الروسيين، إذ وجدت دول غربية أن السبيل الوحيد هو فتح حسابات بالروبل لدفع قيم واردات الطاقة الروسية.
والطاقة بالنسبة لأوروبا، تمثل الخاصرة الرخوة لها بقيادة ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وهي الدول الرئيسة في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، إذ ما تزال البدائل العالمية غير قادرة عن سد حجب مصادر الطاقة الروسية.
وما يزال النقد الأجنبي يتوفر بسلاسة في السوق الروسية، من خلال عمليات بيع مصادر الطاقة التقليدية التي تسجل أسعارا هي الأعلى منذ عدة سنوات، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الخام، التي تشكل حصة من إجمالي التجارة الروسية.
وبحسب بيانات لوكالة الطاقة الدولية، فإن دول الاتحاد الأوروبي وتركيا، قامت بشراء طاقة بأكثر من 220 مليار دولار منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهي رسالة تفيد أن العقوبات لم تمس قطاع الطاقة بشكل حقيقي.