قاضٍ مصرى: أتوقع إصدار العدل الدولية أمرا لإسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة
قبل ساعات من إصدار محكمة العدل الدولية قرارها القضائى فى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل غدًا الجمعة 26 يناير 2024 عما ارتكبته من إبادة شعب فلسطين بقطاع غزة، وفى سبيل الوعى العام العربى نعرض للدراسة الدقيقة والمهمة للمفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بعنوان"التدابير المؤقتة فى فكر محكمة العدل الدولية عن جرائم الإبادة الجماعية والسيناريوهات المطروحة فى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل".
قبل ساعات من صدوره.. أبرز التوقعات القضائية لحكم محكمة العدل الدولية
ونعرض للجزء الخامس من دراسة المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصري، والتي قال فيها أولًا: أتوقع أمرًا قضائيًا مؤقتًا بأمر لإسرائيل بالإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية
وأضاف القاضى المصرى الدكتور محمد خفاجى أتوقع قبل ساعات من حكم محكمة العدل الدولية أن يتخذ الحكم العاجل أمرًا قضائيًا مؤقتًا باتخاذ تدابير مؤقتة وعاجلة فى شكل أمر لإسرائيل بالإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية، لأن الحكم على موضوع ادعاء جنوب أفريقيا بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية بموجب اتفاقية جنيف لعام 1948 سوف يستغرق سنوات عديدة لا يمكن معها تلافى اصلاح الضرر، ومن ثم صار الوقف الفوري لإطلاق النار، أو وقف الأعمال العدائية، هو الإجراء المؤقت الرئيسي لوقف الإبادة الجماعية.
اتهام إسرائيل بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في حربهاعلى قطاع غزة المحاصر بات حقيقة دولية
ويذكر الدكتور محمد خفاجى قبل ساعات من قرار محكمة العدل الدولية المزمع إصداره غدا الجمعة 26 يناير 2024، بشأن طلب جنوب إفريقيا باتخاذ تدابير مؤقتة لوضع حد للإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة بفلسطين، لأن اتهام إسرائيل بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 فيما يتعلق بحربها المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة المحاصر بات حقيقة دولية مسموعة على مرأى من العالم.
وأوضح أن تصرفات إسرائيل تتصف بطابع إبادة جماعية لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير من المجموعة الوطنية والعنصرية والعرقية الفلسطينية، مما يتطلب اصدار تدابير مؤقتة أو طارئة لحماية المدنيين ووقف المزيد من الأذى الشديد الذي لا يمكن تداركه أو إصلاحه للشعب الفلسطيني والكف عن ارتكاب جميع الأفعال التي تعتبر إبادة جماعية بموجب اتفاقية عام 1948، ويشمل ذلك فرض ظروف معيشية تهدف إلى إحداث "التدمير الجسدي" للفلسطينيين كمجموعة من خلال أعمال مثل التهجير القسري والحرمان من الغذاء والماء والمساعدات الإنسانية وتدمير حياة الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويؤكد الدكتور محمد خفاجى على حقيقة جوهرية مهمة أن محكمة العدل الدولية لا تحتاج في قرارها المزمع إصداره إلى تحديد ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت بالفعل اتفاقية عام 1948 وارتكبت إبادة جماعية من عدمه، فمثل تلك المهمة تكون عند نظر موضوع القضية الذى يستغرق عدة سنوات بل إنها تحتاج فحسب إلى إثبات أن الأفعال الموصوفة يمكن أن تندرج ضمن أحكام الاتفاقية، أو على الأقل، يمكن وصفها بأنها "إبادة جماعية" بشكل مقبول ومعقول، فنحن أمام "ظروف قهرية" تتمثل فى أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، حتى المستشفيات المحاصرة بالقصف لم تعد قادرة على علاج المرضى والجرحى وعلى وشك مجاعة جماعية فى ظل تواصل إسرائيل منع المساعدات الإنسانية اللازمة للفلسطينيين في غزة مما يتطلب اتخاذ إجراء عاجل من محكمة العدل الدولية.
ويشير أنه على الجانب الأخر فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو المتهم الرئيسى بالإبادة الجماعية يرهب أعلى محكمة فى العالم أعلن بالفعل أنه "لن يوقفنا أحد، لا لاهاي ولا أي شخص آخر" فى إشارة إلى تقليل الأهمية بقرار المحكمة المزمع إصداره ، وسوف ستقوم محكمة العدل الدولية بإخطار الأمن التابع للأمم المتحدة بقرارها
الإبادة الجماعية فى فكر المحكمة العدل الدولية وسوابقها القضائية فى صالح فلسطين
يقول الدكتور محمد خفاجى بعد إصدار الأمر الوقتى حتى أنه عند نظر موضوع القضية فيما بعد الذى يستغرق عدة سنوات فإن محكمة العدل الدولية تنظر فقط فى مدى توافر نية الإبادة الجماعية من عدمه دون أن تتعدى سواه، فلا تستطيع محكمة العدل الدولية النظر في مسائل أخرى مثل شرعية الغزو أو ما إذا كانت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت إذ تدخل الجريمتين الأخيريتين فى نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية فهى التى تحاكم جريمة الإبادة الجماعية باعتبارها جريمة يرتكبها قادة أفراد بأسمائهم، ولها أيضًا ولاية قضائية على جرائم أخرى لا تستطيع محكمة العدل الدولية النظر فيها، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ويذكر أن السوابق القضائية لدى محكمة العدل الدولية توصلت إلى نتائج بشأن مفهوم "المجموعة المحمية" في تعريف الإبادة الجماعية، وبشأن مسألة ما إذا كانت سياسة ما يسمى "التطهير العرقي" ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي أم لا. وبالنسبة قصد التدمير مجموعة كلها أو جزء منها، فلم تجد صعوبة في التوصل إلى أن أعمال القتل والتسبب في أذى جسدي وعقلي خطير قد ارتكبت في سريبرينيتشا في يوليوعام 1995 ، وكان السؤال الحاسم هو ما إذا كانت هذه الأفعال قد ارتكبت بقصد تدمير جزء من المدينة وأن المجموعة المحمية المعنية هنا سكان قطاع غزة تماما مثلما فعلت بشأن مسلمى البوسنة.
أحكام متعلقة بالإبادة الجماعية
وبالنسبة للإبادة الجماعية فقد حكمت محكمة العدل الدولية على سبيل المثال فى قضيتين الحكم الأول في عام 2007 قضية البوسنة والهرسك ضد صربيا والجبل الأسود؛ والقضية الثانية في عام 2015 قضية كرواتيا ضد صربيا. وتشير السوابق القضائية للمحاكم الدولية إلى مشكلة الأدلة على نية الإبادة الجماعية حيث اتبعت محكمة العدل الدولية معيار إثبات مرتفع للغاية لتحديد وقوع الإبادة الجماعية أو التواطؤ في الإبادة الجماعية كوسيلة لتحرير البشرية من تلك الآفة.
وواصل، هل يصبح تطبيق الاتفاقية ضد إسرائيل من أجل شعب فلسطين مهمة شاقة المنال أم لا، تلك هى المشكلة؟، وهو ما سوف يتشكف خلال ساعات والرأى عندى ستدخل محكمة العدل الدولية التاريخ من أوسع أبوابه إذا عدلت ووقفت بجانب ما تبقى من سكان قطاع غزة من أهل فلسطين بعد الإبادة التى أحدثتها إسرائيل لمن رحلوا من قطاع غزة نتيجة القصف المتعمد بنية الإبادة، ولمواجهة الضغوط العالمية خاصة أمريكا التى سينالها شطر كبير من التواطؤ مع إسرائيل.