كشمعة انطفأت.. قصة شاب مات فجأة بعد ماتش كورة
في أواخر أيام شهر أغسطس 2024، كانت الأجواء في ملعب كرة القدم بمنطقة مارجرجس في مصر القديمة تعج بالنشاط والحماس. بين أصوات الضحكات وصرخات التشجيع، كان الشاب "وليد زينهم"، الذي لم يتجاوز 22 عامًا، يلعب بشغف كعادته، قبل أن تنطفئ شمعته فجأة، تاركًا وراءه قلوبًا مكسورة وأحلامًا لم تتحقق.
وليد، طالب كلية التجارة بجامعة القاهرة، كان معروفًا بين أصدقائه بحبه الكبير لكرة القدم. وكانت حياته اليومية لا تخلو من الحركة والنشاط. كان يتطلع دومًا لتحقيق أحلامه الكبيرة في الحياة، سواء في دراسته أو رياضته المحببة.
الرحيل المفاجئ
تلك الليلة، كانت الأمور تبدو عادية، مباراة ودية مع أصدقائه الذين شاركوه هذه الهواية منذ الطفولة. بعد المباراة، وبينما كان وليد يغير ملابسه، شعر بتعب مفاجئ. أصدقاؤه لم يظنوا أن الأمر خطير؛ فاللعب كان شاقًا، والتعب طبيعي ولكن، في لحظة خاطفة، سقط وليد على الأرض مغشيًا عليه، وكأن الحياة قررت فجأة أن تأخذه بعيدًا.
اللحظات الأخيرة
في حالة من الذهول والصدمة، لم يعرف الأصدقاء كيف يتصرفون. حاولوا إفاقته بكل الطرق الممكنة، لكن حالته كانت حرجة للغاية. قرروا على الفور نقله إلى مستشفى "هارمل" في مصر القديمة، آملين أن يتمكنوا من إنقاذه. لكن القدر كان أسرع منهم، وعند وصولهم إلى المستشفى، أعلن الأطباء أن "وليد" قد فارق الحياة منذ ما يقرب من ربع ساعة بسبب سكتة قلبية مفاجئة. كانت الكلمات التي خرجت من فم الطبيب بمثابة السيف الذي قطع أواصر الأمل.
لحظات ما قبل الرحيل
يروي "محمود سامي"، أحد أقرب أصدقاء "وليد"، بتأثر شديد اللحظات الأخيرة التي عاشها معه. يقول محمود: "وليد كان أول صديق لي في حياتي، عرفته منذ كنا في الحضانة. كنا نشارك كل شيء معًا. بعد أن أنهينا لعب كرة القدم، جاء وجلس بجانبي وقال لي إن نبضات قلبه سريعة. قلت له إن هذا شيء طبيعي بعد مجهود اللعب، وجميعنا مرهقين ونشعر بالتعب. - يتذكر محمود تلك اللحظة وكأنها حدثت قبل دقائق فقط - أثناء حديثنا، فجأة، سقط وليد على الأرض كأن أحدًا دفعه من على الكرسي. لم ننتظر حتى نغير ملابسنا. وأنا ما زلت مرتديًا الزي الرياضي، حملناه أنا وأصدقائي وركضنا به نحو المستشفى. لم تستغرق الرحلة سوى خمس أو عشر دقائق، وعندما وصلنا، أخبرنا الطبيب أنه قد توفي قبل ربع أو ثلث ساعة.
الصديق الذي لم يصدق
كانت صدمة وفاة وليد أكبر من أن يستوعبها محمود. يقول: "كنت في حالة دهشة. كيف يمكن أن يموت وهو كان معي للتو؟ لكنني كنت متأكدًا من سقوطه أنها لم تكن سقوطًا عاديًا، ليست سقوط شخص حي. أثناء حمله، شعرت أولاً أن وزنه خفيفًا لأنه كان صغير الجسم وخفيف الوزن، ولكن فجأة شعرت أن جسده أصبح ثقيلًا. في تلك اللحظة، أدركت أن روحه فارقت جسده، لكنني كنت أتمسك بالأمل في أن يخيب ظني وأن يخبرني أحدهم أنه ما زال حيًا. - يتحدث محمود عن وليد بحب كبير وحنين للأوقات التي جمعتهما - كان وليد يعاملنا جميعًا بأفضل طريقة. كان شخصًا طيبًا، وكل الناس تشهد بذلك. حتى الصفحات على الفيسبوك تحدثت عن أخلاقه العالية. هذا ليس مجرد ثناء على صديقي، اسأل أي شخص يعرفه سيخبرك عن نقاء أخلاقه. أنا لا أعلم كيف سأواجه الحياة بعده.
كنا نخطط للذهاب معًا للعمل، والآن لا أعلم إذا كنا سنذهب أم لا. كنا نفعل كل شيء معًا كأصدقاء مقربين. حتى أننا كنا متفقين على مشاهدة مباريات اليوم معًا."
صوت الأصدقاء والشهود
كانت ردود الفعل على وفاة وليد تتردد في قلوب كل من عرفوه. "عمر سيد"، صديق وليد منذ أيام الطفولة، تحدث بحزن عن علاقتهم الطويلة: "عشرة 13 سنة، من أولى ابتدائي لم يكن يمر يومًا علينا دون أن نرى بعضنا البعض. كنا دائمًا قريبين، أسرارنا مع بعض، لم نفترق أبدًا. قبل يومين فقط كنا نتحدث عن رغبتنا في النزول للتحدث معًا، لكن لم أتمكن من اللحاق به."
استذكر "عمر" خططهما المشتركة للذهاب إلى مقابلة عمل في أحد شركات الاتصالات، حيث كانا يخططان للعمل جنبًا إلى جنب بجانب دراستهما الجامعية.
"محمود سامي"، الذي حمل وليد بين ذراعيه في لحظاته الأخيرة، استذكر بحسرة كيف كان وليد يسانده في كل شيء، وكان دائمًا الشخص الذي يستطيع الاعتماد عليه. قائلا: "لم أكن أتصور أن يأتي اليوم الذي سأتحدث فيه عنه بالماضي."
وداع يملأه الحزن
وفي مشهد مهيب، امتلأت الشوارع المحيطة بمنزل وليد بالكثير من الناس الذين جاؤوا ليشيعوا جثمانه. الألم كان واضحًا على وجوه الجميع، والصمت كان سيد الموقف، شيعوا جثمانه في جنازة مهيبة، تجمع الأهل والجيران والأصدقاء في حالة من الذهول والحزن، بينما انهالت كلمات الرثاء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتهافت الحضور: كان "وليد" معروفًا بأخلاقه العالية وأدبه الجم، ولم يكن أحد ممن عرفه يشهد له إلا بالخير.
وحسب قول جيران "وليد زينهم" لم يكن مجرد شاب عادي، بل كان مثالًا للشاب الطموح الذي يسعى لتحقيق أحلامه. كان محبوبًا من الجميع، وكان يعرف بأخلاقه العالية وصداقته الحقيقية التي لم تكن تعرف الكذب أو الخيانة. "كان يعاملنا جميعًا بشكل أفضل مما يعامل نفسه"، "كان يتأكد من أن الجميع بخير، وكان يساعد الجميع بدون تردد."
التحقيقات والتحريات
عند وصول "وليد" إلى المستشفى، أبلغت الطواقم الطبية الشرطة بوجود حالة وفاة وصلت للتو. الأجهزة الأمنية بالقاهرة تحركت على الفور، وبدأت في جمع المعلومات والتحريات. توجهت الشرطة إلى موقع الحادث في ملعب مارجرجس، واستمعت إلى شهود العيان وفحصت كاميرات المراقبة المحيطة بالملعب. التحريات الأولية أكدت أن وليد توفي نتيجة سكتة قلبية مفاجئة، وأنه لا توجد شبهة جنائية في وفاته.