صهيب بن سنان .. ( صهيب الرومي ) من العبودية .. إلى السيادة
ربح البيع أبا يحي .. ربح البيع ابا يحي ..
قالها له رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
يعيش صهيب في قصر والده على شاطئ الفرات مما يلي الموصل حيث كان أبوه حاكم ( الأبلة ) ووليا عليها لكسرى .. في أحضان النعيم تربى صهيب بن سنان .
تعرضت البلاد لهجوم الروم .. وأسر صهيب بن سنان مع من أسر .
يباع الغلام هنا وهناك حيث أنتهي به المطاف إلى مكة ، بيع لعبد الله بن جدعان بعد أن قضى طفولته وشبابه ببلاد الروم وأخذ لغتهم ولقب بـ ( صهيب الرومي ) .
يعجب سيده بذكائه ونشاطه .. فيعتقه ويحرره ويهيئ له فرصة الاتجار معه .
يبدأ أول خطوة من خطوات السيادة على باب الأرقم بن أبي الأرقم بصحبة صديقه ( عمار بن ياسر ) .
يعد اقتحام تلك العقبة .. أعني تلك العتبة .. بمثابة إيذانا بعهد آخر زاخر بالمسئوليات الجسام بالنسبة للفقراء والغرباء والرقيق .. كان أقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقات البشر .
يأخذ صهيب مكانه في قافلة المؤمنين .
يأخذ صهيب مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطهدين والمعذبين .. !!
يأخذ كذلك مكانا عظيما بين صفوف الباذلين والمفتدين ..
لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط إلا كان صهيب معه .
لم يبايع بيعة قط إلا كان صهيب حاضرها .
لم يسير سرية إلا كان صهيب يسير معها .
لم يغزو غزوة قط إلا كان صهيب عن يمينه أو شماله .
لم يخاف المسلمين شئ إلا كان صهيب يؤمنهم .
يقول صهيب : ما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو أبدا حتى لقي ربه .
حالت الظروف بينه وبين أن يكون ثالث ثلاثة هم
( الرسول وأبو بكر وصهيب ) في رحلة الهجرة فقد وقع في فخاخ قريش حتى استطاع الفرار
وأخذ طريقه على المدينة .
تقول له قريش : ( أتيتنا صعلوكا فقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت بيننا ما بلغت والآن تنطلق بنفسك وبمالك ؟! ..
فدلهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته .. فتركوه وشأنه .
يستأنف صهيب هجرته وحيدا حتى أدرك الرسول .. حيث أهل عليهم صهيب ولم يكد الرسول يراه حتى ناداه متهللا :
ربح البيع أبا يحي .. ربح البيع أبا يحي
نزلت الآية الكريمة : ( ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، والله رءوف بالعباد ) .
يشتهر بين الصحابة بتقواه .. وورعه .. خفيف الروح .. حاضر النكتة .
يراه رسول الله يوما يأكل رطبا وكان بإحدى عينيه رمد .. فقال له الرسول ضاحكا :
( أتأكل الرطب وفي عينك رمد .. ؟!! ) .
فأجاب صهيب قائلا : وأي بأس ..؟
إني أكله بعيني الآخري ..!! )
ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله .. حتى قال له عمر : أراك تطعم كثيرا حتى أنك لتسرف !! .
فأجاب صهيب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( خياركم من أطعم الطعام ) .
ينادي عمر عندما شعر نهاية الأجل ( ليصلي بالناس صهيب ) .
لقد أختار عمر صهيبا ليكون إماما للمسلمين في الصلاة حتى ينهض الخليفة الجديد بأعباء مهمته !!..
أختاره وهو يعلم أن في لسانه عجمة فقد كان فارسي الأصل رومي المنشأ ثم عربي .. مع عجمة بلسانه .. فكان اختيار عمر له من تمام نعمة الله على عبده الصالح
( صهيب بن سنان )
فأنتقل من عبودية الروم إلى السيادة في الإسلام
وتحققت له النقلة .. ( من العبودية إلى السيادة ) .