حوادث اليوم
الأحد 24 نوفمبر 2024 03:46 مـ 23 جمادى أول 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

الكيانات الوهمية تبيع «الوجاهة الاجتماعية» للنصابين .. والفيزيتة عالية أوى

خبراء القانون
خبراء القانون

«نفسك تكون شخصية فريدة فى المجتمع.. نفسك تفوز بلقب دكتور .. بتحلم تحصل على دكتوراه فخرية .. نفسك تكون مستشار إعلامى .. نفسك تكون إعلامى» .. حقق حلمك عندنا فقط، اتصل على أرقامنا، بادر بالحجز قبل اكتمال العدد، وغيرها من العبارات التى نطالعها على مواقع التواصل الاجتماعى بصفة يومية، والتى تكشف الوجه الحقيقى للنصب على راغبى الشهرة والباحثين عن أوضاع اجتماعية لاستخدامها فى ممارسة جرائم النصب على البسطاء، وكانت يقظة رجال الشرطة خلال الأيام القليلة الماضية قد ألقت القبض على أصحاب أكاديميات النصب والأوهام لمنح شهادات الدكتوراه الفخرية والدورات التدريبية وتخريج المحكمين الدوليين .. وكان لـ«حوادث اليوم» تجربة مع بعض هذه المراكز نعرضها خلال السطور التالية، لتكون بمثابة ناقوس الخطر قبل انتشار الأمر.

فى البداية استفزتنا إعلانات على الفيس بوك، فبدأنا فى الاتصال بمسئولى الأكاديمية الوهمية، والتى كان نص المكالمة كالآتى:

محرر حوادث اليوم: مساء الخير يا افندم، كنت محتاج أسجل فى دورة الدكتوراه الفخرية .. ممكن تفاصيل يا لو سمحت يا فندم.

النصاب: مساء النور حضرتك ساكن فين حضرتك الأول؟

محرر حوادث اليوم : هى تفرق يا فندم .. على العموم أنا ساكن فى القاهرة.

النصاب: تمام .. حضرتك معاك مؤهل إيه؟

محرر حوادث اليوم : مؤهل عالى يا افندم .

النصاب: عندنا عرض السوبر 10 آلاف جنيه بس «دكتوراه فخرية بـ 5000 جنيه، وكارنيهات دولية لحضرتك بمسمى محكم إعلامى دولى بـ2000 جنيه، وكارنيه المستشار الإعلامى الدولى بـ 3000 جنيه، وشهادات التقدير والاعتماد من الأكاديمية الدولية مجانا».

وهنا دفعنى فضولى الصحفى أن أبحث عن عرض آخر، حيث تمسكت بالدكتوراه الفخرية فقط، وقاطعته معلش يا افندم أنا محتاج دلوقتى الدكتوراه الفخرية وبس، فكنت عاوز أعرف سعرها لوحدها.

فأجابنى غاضبا: الدكتوراه الفخرية لوحدها هتكلفك حوالى 20 ألف جنيه.

فطلبت عنوان أكاديميته فأخبرنى بأن التوصيل دليفرى حتى باب البيت، فأدخلتنى كلماته فى هيستريا من الضحك، ورحت أردد وراءه ماذا تقول حضرتك دليفرى، فأجبنى : نعم يا فندم دليفرى.

فصارحته بقولى أنا أخشى من أن تكون الشهادة مضروبة ويتنصب عليا، أنا هستلف الفلوس لإن المبلغ مش جاهز معايا، المهم تعرضت لمحاولات الإقناع بالحصول على الدكتوراه بأى سعر، لكن المحاولات لم تفلح، ونجوت بأموالى من السقوط فى فخ النصب والاحتيال، وما هى إلا ساعات ووجدت رجال الأمن يعلنون إلقاء القبض على عدد من أكاديميات بيع الوهم والنصب على الشباب، فقررت عرض تجربتى البسيطة مع إحدى أكاديميات النصب والاحتيال، لتكون بمثابة الإنذار الأقوى أمام الشباب وحمايتهم من السقوط فى فخاخ النصب.

ومن بين الأكاديميات التى تخصصت فى الاستيلاء على أموال المواطنين بزعم منحهم شهادات علمية موثقة خلافاً للحقيقة، وأمرت النيابة العامة بحبس المتهمين القائمين على الأكاديمية لاتهامهم بإنشاء كيان تعليمي وهمى بدون ترخيص، واتخاذه وكراً لممارسة النصب والاحتيال على راغبي الحصول على الشهادات الجامعية، والكارنيهات المزورة والمنسوبة إلى جهات وهمية فى الخارج .. وأثناء مداهمة مقر الأكاديمية تم العثور على (عدد من شهادات التقدير، والشهادات المسجل عليها دكتوراه فخرة، وجهاز كمبيوتر، وطابعة ألوان ليزر، وعدد من مستلزمات النصب)، وغيرها من الوقائع التى تم الإعلان عنها، خلال الأسبوع الماضى، وعلى الرغم من ذلك، إلا أن سجلات البلاغات بأقسام الشرطة لا تنقطع عنها بلاغات السقوط فى فخ النصب على يد أكاديمية مجهولة، مقابل شراء شهادات بدرجات علمية مزورة.

وتوضح منى سعيد، موظفة، أنه يجب على وسائل الإعلام المختلفة تنفيذ الحملات الإعلامية لتثقيف المواطنين ومساعدتهم فى اكتشاف وقائع النصب عليهم، مؤكدة أن تتبنى الجهات الإعلامية سواء صحافة أو تليفزيون، هذه المهمة، لنشر ثقافة الوعى بالحقوق والواجبات بشأن هذا الملف الهام، وقالت: هناك الكثير من الشخصيات المعروفين لدينا فى المنطقة التى نقيم فيها ونعلم أن حياتهم العلمية انتهت عند الإعدادية لكنهم يفاجئون الجميع بأنهم مستشارين إعلاميين ومحكمين دوليين، وكل هكذا من الممكن أن يكون أمرا عاديا ويحدث مصادفة، لكن حصولهم على دكتوراه فخرية، هو الأمر غير المقبول.

وتضيف رضا حليم، ربة منزل، أكاديميات النصب لا تخاطب جميع الفئات، لكنها تستهدف النصابين والطماعين الباحثين عن أى فرصة للنصب والاستيلاء على أموال البسطاء بعد وعدهم بأمور لا يستطيعون تنفيذها، لافتة إلى أن القرية التى تقيم فيها بالريف المصرى، انتشرت ظاهرة الإعلاميين والمستشارين الإعلاميين، وكأنه سوق يضارب هذا فى ذاك، والكل يتصارع لافتتاح مكتب للخدمات الإعلامية، وإيهام الناس بأن المكتب يتوسط فى كل شىء حتى التوظيف والتعيين، موضحة أنه يجب على الأجهزة المعنية تنظيم الحملات التوعوية للمواطنين لإنقاذهم قبل السقوط ضحايا فى بئر النصب والاحتيال.

وتؤكد جمعية الإعلاميين العرب، برئاسة الكاتب الصحفى مهدى محمد عبدالحليم، رئيس الجمعية، أن انتشار الكيانات الوهمية يضر بالأمن القومى للبلاد، وينشر المفاهيم الخاطئة لدى المجتمع، وهو ما قد ينعكس بصورة غير مباشرة على رفض المجتمع للإعلام بشكل واضح، من خلال بعض الممارسات الشاذة والتى تتنافى مع أخلاقيات المهنة وفن الإيتيكيت فيها، موضحة أنه منذ 2011، وشهدت الساحة انتشار موسعا للكيانات النقابية الخاصة، والتى عاشت رواجا لم يكن موجودا من قبل حيث قامت تلك الكيانات المؤقتة بالعمل على تشويش وتشويه المشهد الإعلامى، بالإضافة إلى أن تلك الكيانات قامت بجمع المليارات فى زمن قصير، ومقابل إثبات وظيفة محرر صحفى، لمن يحملون الابتدائية، مشيرة إلى هناك بعض أعضاء النقابات المهنية يسيئون للمهنة ببعض ممارساتهم غير السوية.

وأكد الدكتور محمد داود، المستشار القانونى لجمعية الإعلاميين العرب، أن الجمعية تلقت العديد من الشكاوى التى تكشف سقوط البعض ضحايا لجرائم النصب والاستيلاء على أموالهم مقابل الاشتراك فى إحدى الكيانات التى تروج للنصب والاحتيال مقابل تحقيق أحلامهم، التى اقتربت على الضياع بسبب قوانين ولائحة نقابة الصحفيين.

وأكد داود أن الجمعية، كيان رسمى، يهتم بقضايا الإعلام، وهمومه، وتسهم فى توعية المجتمع بالقضايا الوطنية والتى تؤكد على غرس الوطنية والانتماء فى نفوس النشء والأجيال القادمة.

وأضاف الخبير القانونى المستشار أحمد موسى، أنه فيما يخص الأكاديميات التى تمارس النصب على الراغبين فى الانضمام للمجال الإعلامى بطرق غير شرعية، تمثل خطورة كبرى لهم، ويؤثر حملة هذه الكارنيهات على الزملاء المعتمدين فى النقابات الإعلامية المهنية، والعاملين فى المجال الإعلامى، ويكون هؤلاء سببا رئيسيا فى نفر المسئولين للإعلاميين، بالإضافة إلى أن ظهور حملة هذه الكارنيهات، جعل المسئول يعترف بكارنيهات تحقيق الشخصية التى يحملها هؤلاء، وفى أحيان أخرى يرفض كارنيه نقابتى الصحفيين والإعلاميين.

وطالب موسى، الجهات الرقابية، برصد أنشطة الكيانات الوهمية التى تؤثر على الأمن القومى للبلاد، والإعلان عن العقوبات التى ينتهى إليها مصيرهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه إلحاق الضرر بالمجتمع، بالإضافة إلى التوعية الواجبة على أجهزة الدولة، بالاشتراك والتنسيق مع المجتمع المدنى، من خلال الندوات واللقاءات الجماهيرية للتأكيد على أن انتشار جريمة النصب والتزوير أمر فيه إساءة للمجتمع.

وأكد المستشار أحمد موسى، أن قانون العقوبات المصري تناول جريمة انتحال الصفة والتي وصفها في الباب العاشر منه بـ«اختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف بها دون حق»، لافتا إلى أنه تم تحديد 3 عقوبات تخص هذه الجريمة وهي الحبس والغرامة، بالإضافة إلى نشر الحكم أو ملخصه في إحدى الجرائد على نفقة المحكوم عليه.

وكانت نقابتا الصحفيين، والإعلاميين، قد أعلنتا التصدى لمثل هذه الكيانات الوهمية بالتنسيق مع الجهات المعنية بالحكومة.

وأشار الدكتور عصام كبش، أستاذ القانون الجنائى، والمستشار القانونى لمجموعة قنوات «وطنى العربى»، إلى أن الحديث عن عقوبة الطرفين فى جرائم النصب ليس واقعيا، قائلا: أحيانا قد يقع الضحية فريسة للنصب من خلال آخرين، ومسألة معاقبة الضحية والمتهم أمر غير وارد فى القانون، والحديث عن ذلك لا يحمل أى نوع من المصداقية، ويجب الحديث عن تغليظ العقوبة للمتهمين، والعمل على توعية المواطن ليكون على دراية بجرائم النصب التى يمكن التعرض لها على يد أكاديميات النصب والاحتيال، لافتا إلى أن انتشار بطاقات التعريف المزورة والتى يحملها البعض تؤثر على العاملين الحقيقيين فى المجالات المختلفة، موضحا أن وقائع الضبط تؤكد أن الكثير من حملة هذه الكارنيهات والدكتوراه الفخرية من أصحاب المؤهلات المتوسطة ومحو الأمية.

وأضاف الدكتور عصام كبش، أن قانون العقوبات المصري وصف جريمة انتحال الصفة في الباب العاشر بـ«اختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف بها دون حق»، لافتا إلى أنه تم تحديد 3 عقوبات تخص هذه الجريمة وهي الحبس والغرامة، بالإضافة إلى نشر الحكم أو ملخصه في إحدى الجرائد على نفقة المحكوم عليه.

وأوضح د. كبش، أن جريمة انتحال الصفة تعاقب عليها المادة 155 من قانون العقوبات والتى تنص على أنه كل من تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية ملكية كانت أو عسكرية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك أو أجري عملا من مقتضات إحدى هذه الوظائف يعاقب بالحبس.

وأضاف الخبير القانونى، اللواء حسام جاد الله، المحامى أمام محاكم النقض والاستئناف، أن المادة 156 من قانون العقوبات في الباب العاشر الخاص بقضايا انتحال الصفة أو «اختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف بها بدون حق» نصت على أنه كل من لبس علنية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزا للرتبة التي تخوله ذلك أو حمل علنية العلامة المميزة لعمل أو لوظيفة من غير حق يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة.

وتابع اللواء حسام جاد الله، أن المادة 157 من قانون العقوبات، تنزل عقوبة الغرامة التى لا تتجاوز مائتي جنيه لكل من تقلد علانية نشانا لم يحصل عليه أو لقب نفس بلقب من ألقاب الشرف أو برتبة أو بوظيفة أو بصفة نيابية عامة من غير حق، لافتا إلى أن المادة 158 من القانون تعاقب أيضا بالغرامة التى لا تتجاوز مائتي جنيه كل من تقلد علنية بغير حق أو بغير إذن رئيس الجمهورية نشانا أجنبيا أو لقب نفسه كذلك بلقب شرف أجنبي أو برتبة أجنبية.

وأوضح الخبير القانونى، اللواء حسام جاد الله، المحامى أمام محاكم النقض والاستئناف، أن المادة 159 من الباب العاشر في قانون العقوبات تنص على أنه فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم بأكمله أو بنشر ملخصه فى الجرائد التي تختارها ويكون النشر على نفقة المحكوم عليه.

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found