سعيد محمد أحمد يكتب : صفقة ”التطبيع”.. رهينة نتنياهو وحماس وحزب الله
المؤكد أن خريطة الشرق الأوسط "الجديدة" ستظل ترواح مكانها طويلًا برغم مساعى واشنطن المحمومة التى تراهن على وضع اللمسات الاخيرة "لصفقة القرن" للسلام تمهيدا للإعلان عن انطلاقها قبيل بدء السباق الرئاسي بين الرئيس جو بايدن والرئيس الاسبق دونالد ترامب، والمقرر لها فى نوفمبر المقبل الا أن تصاعد الخلافات الأخيرة بين نتنياهو وواشنطن عرقلت جهود التهدئة سواء على الجبهة الشمالية لحزب الله اللبنانى او على حدود رفح الفلسطينية لحركة حماس .
ويبقي مع كل مغامرة تكلف الشعب ضريبة ضخمة من الدماء والدمار الشامل والاسرى والجرحى خدمة للمشروع الايرانى ومصالحة فى المنطقة، وخدمة لإسرائيل أيضا بما لديها من مخططات فى بقاء احتلالها لغزة لأمد غير معلوم نتيجة مغامرات ومناوشات حماس مع قوى الاحتلال منذ سنوات سابقة مثلما يفعل "حزب الله" اليوم من مغامرات ومناوشات تخطت القواعد المتفق عليها مع إسرائيل، والتى من الممكن فى تصورى أن تتجاوز تلك القواعد وتقوم بشن حرب قد تكون قاسية ومدمرة على لبنان وصولا الى مراحل متقدمة من توسيع رقعة الصراع فى المنطقة يتجاوز الضاحية الجنوبية وربما كل لبنان، ماجعل"بايدن" يتخوف من انعكاساتها السلبية على حملته الانتخابية فى السباق الرئاسى الامريكى .
أربعة أشهر فقط لازالت فاصلة ما بين إنجاز شرق اًوسط جديد أساسه السلام العادل والشامل فى منطقة الشرق الاوسط وبما يحقق قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية محمية بضمانات أممية، وهو أمر فى تقديرى قد يكون صعب المنال فى تلك المرحلة الراهنة .
وقد يكون الخيار الآخر فى أن تصبح المنطقة فى مهب الريح ما بين صراعات القوى العظمى شرقا وغربا، ومطامع القوى الإقليمية " ايران - تركيا" فى اتساع نفوذهما فى المنطقة بسبب القاسم المشترك فى تلك المعادله الشديدة التعقيد والارتباك لتتحكم فيها القوى المتطرفة سواء من جانب نتنياهو وإصراره على الاستمرار فى حرب الابادة لتحقق اهدافه المعلنة أو من جانب جماعة حماس الداخل ذات الايدولوجية الدينية وصاحب القرار فيها ليحيى السنوار ورفاقه القابعون فى أنفاق غزة بصحبه الرهائن المختطفين.
صفقة "التطبيع".. رهينة….
من جانبها رأت صحيفة فايننشال تايمز " البريطانية" أن العلاقات بين واشنطن والرياض وصلت إلى أعلى درجات التوافق فى عده ملفات بالدخل السعودى منها ما هو متعلق بالمفاعل النووى وبرنامج التسليح، ومنها ما تم انجازه بالفعل فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل كمقدمة لإنهاء الصراع فى المنطقة.
والمؤكد أن اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل سيظل معلقا ومعطلًا بفعل ممارسات وغطرسة نتنياهو وحكومتة لرفضها وقف اطلاق النار قبل الافراج عن كل الرهائن المختطفين، وسيبقى نتنياهو المعطل للتوقيع على اتفاق "التطبيع" مع السعودية انتظارا لحين إجراء الانتخابات الامريكية، ما يؤكد أحقية السعودية فى عدم التطبيع ومشروطًا بوقف الحرب على غزة واعلان قيام الدولة الفلسطينية ، ويضعف فى الوقت ذاته "بايدن" فى قدرتة على ممارسة الضغط على إسرائيل بعد آن فشل فى تحقيق مقترحة بوقف اطلاق النار فى قطاع غزة.
ادارة بايدن من جانبها تريد ارسال رسالة للداخل الامريكى أنها سعت لاقرار السلام فى المنطقة، وان حماس تمثل العائق الاكبر برفضها مقترح وقف اطلاق النار مثلما يقف نتنياهو عائقا أمام اتفاق التطبيع مع السعودية انتظار لما تسفر عنه الانتخابات الامريكية المقبلة او وفق ما يأمل الكثير من تغيير الحكومة الاسرائيلية وهو أمر قد يكون مستبعدًا فى ظل مالديه من أغلبية فى الكنيست تحفظ استمرار نتنياهو فى رئاسة الحكومة وربما لخمس سنوات مقبلة ، عبر قراره الاخير بتشكيل "المطبخ الصغير " والذى يضم انصاره من حزب الليكود عوضا عن مجلس الحرب الاسرائيلي الذى تم تحلة ليعطيه قدرا من المرونة والحركة فى اطالة أمد الحرب لتحقيق اهدافة والهروب من مسالة المطالبة بانتخابات مبكرة .
ويرى العديد من المراقبين ان تصريحات العديد من المحللين والخبراء الاسرائيلين اعتبار القضاء على حركة حماس غير ممكن قد يرجع الى عدم وجود البديل عن حماس، فى تجاهل تام للسلطة الوطنية الفلسطينية وربما العمل على إقصائها خدمة للمخطط الاسرائيلى الاوسع نطاقا فى ان تظل المنطقة على صفيح ساخن.
على جانب أخر من المشهد الدرامي فى شمال إسرائيل توسع نطاق حرب مقبلة ستكون خارج كل القواعد المتعارف عليها مع حزب الله، وبما يضع المنطقة أمام منعطف أشد خطرا وقسوة قد لايتوقعه احدا يفوق ما جرى فى حرب تموز ٢٠٠٦ على لبنان وضاحيته الجنوبية من دمار محتمل سيشكل مأساة للشعب اللبنانى وازمته المنسية لاختطاف قراره السياسى والسيادى ليصبح رهينة فى قبضة "حزب الله" باعلانه إنه لا يخشى الدخول في حرب مع إسرائيل ،و إذا اندلعت الحرب فإنه "لن يبقى مكانًا سالمًا في إسرائيل"من صواريخنا ومُسيّراتنا وليس عشوائيًا"،على حد قوله، ومتوعدا بقوله : "العدو يعرف أن ما ينتظره أيضًا في البحر المتوسط كبير جدًا وكل سواحله وبواخره وسفنه ستُستهدف".