شهيد لقمة العيش.. حكاية رحلة الموت لشاب طعنوه في قلبه أمام صديقه
شهدت محافظة الشرقية، مأساة مؤلمة أثرت في قلوب الجميع. "يوسف صابر" شاب في مقتبل العمر، سافر من محافظة الجيزة إلى الشرقية بحثًا عن فرصة عمل، لكي يساعد أسرته البسيطة ويواجه تحديات الحياة اليومية، لكن رحلته لم تسير كما خطط لها، فقد انتهت حياته بطريقة مروعة بعد أن تعرض لجريمة بشعة.
بداية المأساة: البحث عن لقمة العيش
لم يكن "يوسف" سوى شاب في بدايات العشرينيات من عمره، يتطلع إلى حياة كريمة من خلال العمل الشريف، سافر إلى الشرقية بصحبة صديقه للبحث عن فرصة عمل، وكانا يبحثان في أول أيامهما عن مكان لتناول العشاء، أثناء بحثهما، التقيا بثلاثة شباب برفقتهم دراجة نارية "تروسيكل"، سألوهما عن أقرب مكان لأحد المطاعم المجاورة، ليعرض عليهما هؤلاء الشباب المساعدة في الوصول إلى وجهتهما، فركب معهم يوسف وصاحبه، ولكن بدلًا من الذهاب للمطعم، اصطحبوهم إلى منطقة المقابر في سيناريو مأساوي لم يكن متوقع.
في تلك الليلة، تعرض يوسف وصديقه للاعتداء من قبل الجناة، الذين طالبوهما بتسليم مقتنياتهما الشخصية تحت تهديد السلاح. "مهند" صديق يوسف، ألقى بممتلكاته دون مقاومة، أما "يوسف" فقد أصر على الاحتفاظ بهاتفه المحمول الذي كان قد اشتراه بالتقسيط، وقال للجناة: “أنا شقيان بيهم ومش هسيبهم”، لكن إصراره على الحفاظ على ممتلكاته لم يمر بسلام؛ فقد طعنه أحد المجرمين في قلبه باستخدام" مطواة" ليسقط على الفور غارقًا في دمائه.
محاولات الإنقاذ الفاشلة
لم يستسلم صديق يوسف، فقد حاول بكل الطرق الممكنة إنقاذه. بعد الطعنة، سحب صديقه جثة يوسف إلى الطريق بحثًا عن أي مساعدة. حاول إيقاف السيارات في الطريق، لكن لم يتوقف أحد لإنقاذهما. اضطر مهند للاتصال بصاحب العمل الذي حضر على الفور، ثم ألقى بنفسه أمام سيارة كي تتوقف لهما وبعدها تم نقل يوسف إلى مستشفى الزقازيق الجامعي. ورغم أن يوسف كان لا يزال على قيد الحياة حين وصوله، إلا أن الإجراءات الإدارية البطيئة داخل المستشفى أعاقت تقديم الإسعافات اللازمة في الوقت المناسب، ما أدى إلى وفاته.
تحدثت والدة يوسف بصوت متهدج وهي تحاول تمالك نفسها أمام المصاب الجلل: "ابني راح وهو يكافح من أجل لقمة عيشه. كان نفسي أشوفه عريس وأفرح بيه. ماكنتش أعرف إن السفر اللي رايح له عشان يساعد نفسه وأهله هيكون سبب في موته". وأضافت الأم بحسرة: "ابني كان محترم، وكان بيقول لي دايمًا ما تقلقيش علي يا أمي. لكن دلوقتي ابني مات، وعاوزة حقه".
أما عمة يوسف فقالت، وهي لا تستطيع حبس دموعها: "مش عدل إن ابننا يطلع يجيب 100 جنيه عشان يساعد أهله، ويرجع لنا على نقالة جثة هامدة. كل اللي نطلبه هو العدالة، نريد القصاص. حق يوسف ماينفعش يضيع".
القبض على المتهمين
بعد ساعات من وقوع الجريمة، تحركت الأجهزة الأمنية سريعًا وتمكنت من إلقاء القبض على الجناة الثلاثة. وبعد تفريغ كاميرات المراقبة، اعترف المتهمون بارتكابهم الجريمة وقاموا بتمثيلها أمام جهات التحقيق. الجريمة كانت صادمة، ليست فقط للعائلة، ولكن للمجتمع بأسره، حيث لم يكن يوسف سوى شاب يحاول العمل بكرامة وكسب لقمة عيشه بالحلال.
تحدثت والدة يوسف بنبرة يملؤها الألم: "ابني مات من أجل لقمة عيشه. كان بيكافح عشان يساعد نفسه وأهله. أنا قلبي انكسر ومش عارفة إزاي هعيش من غيره". وأضافت: "كنت دايمًا أحلم أشوفه عريس وأفرح بيه، لكن كل اللي حصل إن ابني رجع لي في كفن. ابني كان شقيان وراح ضحية غدر".
عمة يوسف أيضاً كانت غارقة في حزنها الشديد، وقالت: "يوسف كان الأمل في البيت، كان حسن السيرة والخلق، كل اللي يعرفه كان بيحبه، خبر موته كان علينا زي الصاعقة، إحنا عايزين حق يوسف، مش قادرين نصدق إنه مات".
وفي جنازة يوسف، التي حضرها عدد كبير من أهالي القرية، كان الحزن يخيم على الجميع، فيما لم تتوقف أصوات المطالبة بالعدالة والقصاص. أقارب يوسف وأصدقاؤه والجيران جميعهم رفعوا صوتهم مطالبين بتحقيق العدالة لروح الشاب الذي فقد حياته ظلمًا.
والدة يوسف كانت تكرر مطلبها: "عاوزة حق ابني. المجرمين دول لازم يتعاقبوا. ابني ماكانش ليه ذنب. كان بيشتغل بالحلال ومات عشان لقمة العيش".
وسط كل هذا الحزن والأسى، تواصل العائلة مطالبتها بالعدالة ليوسف. يقول أفراد الأسرة: "إحنا مش عايزين غير حق ابننا. اللي قتل يوسف لازم يتعاقب. مش هنرتاح غير لما نحقق العدالة".